والصورة أو الشكل -تقابله عندهم بهذا الفهم- تقابله الصورة أو الشكل والقالب الذي يصاغ فيه المضمون. ومنذ القرن التاسع عشر وفلاسفة الجمال يثيرون مباحث كثيرة، تدور حول منبع الإحساس الجمال وحقيقته، وحقيقة الإحساس المقترن به. ويذهب كثيرون من هؤلاء الفلاسفة إلى أن التأثير الجمالي في الفنون يرجع إلى استغراق الإنسان في الآثار الفنية استغراقًا يفقد في تضاعيفه شعوره بفرديته؛ فينسى نفسه، وتذوب شخصيته فيما ينثره من لوحة، أو يقرأه من شعر، أو يسمعه من موسيقا، وذلك مصدر لذته ونشوته إزاء الجمال في الفنون.

ويقول آخرون: إن مصدر اللذة عبارة عن إشباع الجمال الفني لعواطفنا، وإدراكنا العقلي، ومخيلاتنا. ندرك قيمة الجمال ونتلمسه ونحسه؛ فهي لا تستمد من العواطف وحدها، وإنما تستمد من الخيال والعقل أيضا. وقد رد "نيتشه" الفيلسوف الألماني الإحساس بالجمال إلى نشوة حسية ترتبط بالغريزة الجنسية، وكأنه كان إرهاصا لفرويد، ونظريته التي أشرنا إليها، وغيره من أصحاب التحليل النفسي للاشعور، ومكبوتاته الجنسية المستكنة في دخائل الفنانين.

ويدلل بعض فلاسفة الجمال على هذا الربط بين غريزة الجنس والإحساس بالجما ل بما يت ر اء ى لنا في الطيور، وما يختص به قرين الطائرة من الريش الجميل حتى يستهويها بجمال منظره، وبالمثل أيضا: جمال الصوت عن البلابل، إنما هو لغرض الاستهواء والإغراء بين الجنسين. هذه وجهة نظر هذا الفريق، كما تحدث فلاسفة الجمال أيضا عن مصدر القيم الجمالية، وهل هي خارجة عن الفنون أم كامنة فيها؟ أم هي موجودة في ذهن المتلقي، أم هي شيء مشترك بين الأثر الفني والمتلقي؟ والأولى من كل ذلك أن نرد الإحساس بالجمال إلى المبدع، وأثره الفني، أو إلى الإبداع نفسه، ومدى تحقق معايير الجمال فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015