الدراسات النفسية، وتعدد مدارسها للسعي من أجل معرفة النفس الإنسانية، وما تنطوي عليه من الغرائز، ولما كان الأدب تعبيرًا عن هذه النفس الإنسانية، وتصويرا لما يدور فيها من مشاعر وانفعالات، كان من الطبيعي أن يستعين علماء الأدب، ومؤرخوه بالدراسات النفسية في مجال البحث الأدبي. وحاولوا استخدام نظريات علماء النفس، وتطبيق تجاربهم على الأدب إبداعًا وتأريخًا، بل قام علماء النفس أنفسهم بتوجيه انتباههم نحو الأدب، يجرون عليه تجاربهم من أجل الوصول إلى تفسير لهذه الأعمال الأدبية من وجهة نظر نفسية؛ وللكشف عن أسرار العبقرية في الإبداع الفني.
وبذلك أصبح للمنهج النفسي حضور قوي في مجال البحث الأدبي في عالمنا العربي المعاصر، وبدأ الباحثون يؤلفون الكتب التي يؤصلون فيها لهذا المنهج، ويضعون قواعده لدراسة الأدب، ومن أهم المؤلفات في هذا المجال: كتاب (الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة) للدكتور مصطفى سويف، ثم كتاب (من الوجهة النفسية في دارسة الأدب ونقده) للدكتور محمد خلف الله أحمد، ثم كتاب (درسات في علم النفس الأدبي) دكتور حامد عبد القادر، ثم كتاب (التفسير النفسي للأدب) للدكتور عز الدين إسماعيل، وغير ذلك من كتب كثيرة، وأبحاث متعددة تؤكد صيرورة هذا المنهج ضمن مناهج البحث الأدبي، كما اعتمد عليه كثير من الباحثين والدارسين، في مقدمتهم عباس محمود العقاد في كتابه (ابن الرومي حياته من شعره)، وكتاب (أبو نواس الحسن بن هانئ)، وكذا الدكتور طه حسين في بعض كتبه ككتاب (مع أبي العلاء في سجنه)، وكتاب (صوت أبي العلاء)، وغير ذلك كثير من الكتب.