وروي أنَّ عليًّا - رضي الله عنه - لَمَّا رأى اختلاف جُنْدِه قال: "ألا إنما أُكِلتُ يوم أُكِل الثَّورُ الأبيض" يريد أنَّ الاختلاف ابتدأ ظهورُه من يوم اختلاف الأمة على عثمان - رضي الله عنه -، وأشار بهذا إلى قصَّة عند العرب، وذلك أنهم زعموا أنَّ أسدًا وثَوْرًا أحمر وثَوْرًا أسود وثَوْرًا أبيض اصطحبوا في أَجَمَةٍ، فقال الأسد يومًا للثَّوْرَين الأحمر والأسود: هذا الثور الأبيض يفضحُنا بلونِه فلو تَرَكْتُمَاني آكلُه أَمْنًا، فأَذِنَا له في أَكْلِه فأكَلَه، ثم قال للأحمر: هذا الأسود يخالفُ لوننا فدَعْني آكلُه فأذن له فأكله، ثم قال للأحمر: لم يبق إلا أنا وأنت وأريد أن آكلك. فقال: إن كنتَ فاعلاً فدعني أصعدْ تلك الهَضَبة وأصيح ثلاثة أصوات، قال: افعل، فصعد وصاح: "ألا إنما أُكِلتُ يوم أُكِل الثَّوْرُ الأبيض" ثلاثًا.
وأما الاستطراد فيكون بمدحٍ أو ذَمٍّ أو ثوابٍ، وأحسنُه ما اشتدَّت فيه المشابَهةُ كقول أبي حمزة الخارجيِّ في خطبة له خَطَبَها بالمدينة: "يا أهل مكة: أُتَعَيِّرُونني بأصحابي وتزعمون أنهم شباب؟ ! ويحكم! وهل كان أصحابُ رسول الله المذكورون في الخير إلا أحداثًا شبابًا، مكتهلون في شبابهم، غَضِيضَةٌ عن الشَّرِّ أعينُهم، ثقيلةٌ عن الباطل أرجلهم، أَنْضَاءُ عبادةٍ، قد نظر الله لهم في جَوْف الليل منحنيةً أصلابُهم على أجزاء القرآن ... إلخ".
وقد يكون البيان بالإشارة كما خطب مصعب بن الزبير حين قدم