قال أبو محمد: (1): لم أزل لتفسير هذا الحديث مُنكراً؛ لأنَّه سأله عن شرابهم، فأجابه بذكر نبات. والنَّبات لا يجوز أنْ يكون شرابًا. وإنْ كان صاحبه يسْتَغني مع أكله عن شرب الماء، إلَّا على وجه من المَجاز ضعيف. وهو أَنْ يكون صاحبه لا يشرب الماء، فيقال، إنَّ ذلك شرابُهُ. لأنَّه يقوم مقام شرابه، فيجوز أنْ يقال هذا. وإن كانت الجِنّ لا تشرب شراباً أصْلًا. وأمّا التفسير الذي جاء في الحديث (?)، فله مَخْرج نُخْيِر به إنْ شاء (?) الله.
وبلَغَني عن بعض أصحاب (?) اللغة، أنَّه كان يقول: الجَدَفُ زَبَدُ الشّراب، وَرُغْوة اللَّبَن، وغيره. سُمّي جَدَفاً من موضعين.
أحدهما: لأنَّه (?) يُجْدِف عن الشَّراب. أي: يقطع ويُلْقَى إلى الأرض.
والجَدْفُ (?) والجَذْفُ، واحد. ومنع قيل: قميصُ مجذوف الكمّين. أي: مقطوعهما وقصيرهما. تقول: جَذفْت الشيء جَذْفاً، إذا قطعته. واسمُ ما انْقَطع منه: جَذَفٌ. كما تقول: نفضْتُ الشَّجَرة نَفْضًا. واسمُ ما سقَطَ من ثمرها إلى الأرض نَفَضٌ. وخبطْتُها خَبْطاً (?). واسمُ ما سقطَ من ورقها إلى الأرض خَبَطٌ.