الوجه الثالث وهو أشد من الثاني وهو أنه يخاف عليه أن يستحسن شيئًا مما يراه أو يسمع به وهذا فيه من القبح ما فيه لأنه يستحسن ما كرهه ونهي عنه وهو الأحداث في الدين قال عليه الصلاة والسلام: "من أحداث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" 1 يعني مردود عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله لا يقبل عمل أمرء حتى يتقنه" قالوا يا رسول الله: وما إتقانه؟، قال: "يخلصه من الرياء والبدعة" 2. مع أن هذا الذي ذكر قل أن يقع أعني أن تعم في تلك البدع جميع مساجد البلد وإذا كان ذلك كذلك فالكمال والحمد لله حاصل له أعني الصلاة في الجماعة في المسجد السالم من تلك البدع أو من أكثرها ولو امتنع بعض من يقتدى بهم من حضور المساجد التي فيها البدع لانحسمت المادة وزالت البدع كلها أو أكثرها أو بعضها فإنا لله وإنا إليه راجعون على التسامح في هذا الباب حتى جر الأمر إلى اعتياد البدع وينسبها أكثر العوام إلى الشرع بسبب حضور من يقتدى بهم فظن أكثر العوام أن ذلك من المشروع وهذا أعظم خطرًا مما تقدم ذكره لأنهم يدخلون إذ ذاك في عموم قوله تعالى: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} .
فإن لم يكن في المسجد السالم من البدع من يصلي فيه فتتأكد الصلاة فيه لأنه يحصل له وحده إحياء بيت من بيوت الله تعالى وهذا فيه من الغنيمة والسعادة ما فيه ألا ترى إلى ما روى أبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: $"الصلاة في جماعة تعدل خمسًا وعشرين صلاة