في بيته فأيهما كان أفضل وأكثر نفعًا بادر إلى فعله سيما إذا كان النفع متعديًا وإن كان يتخوف من شيء فيه فالرجوع إلى بيته أفضل. ثم قال: فلا يترك الصلاة في جماعة في المسجد لأجل ما حدث من البدع إذ إن الصلوات الخمس من معالم الدين ومن أعظم شعائر الإسلام وهي أول ما ابتدئ به من عبادة الأبدان وليس من شرط صلاته أن تكون في المسجد الجامع بل حيثما قلت البدع من المسجد كانت الصلاة فيه أولى وأفضل من غيره فإن لم يجد مسجدًا سالما مما ذكر -وقلما يقع ذلك- فلينظر إلى أقل المساجد بدعًا فليصل فيه مع أنه قد تكون بدعة واحدة أشد من بدع جملة فيحذر من هذا وأشباهه وليصل فيما عداه وإذا صلى مع ذلك فليحذر جهده ويغير ما استطاع بشرطه. وقد تقدم أن التغيير بالقلب أدنى مراتب التغيير فإن كانت ليلة تزيد فيها البدع وتكثر فترك الصلاة في جماعة في تلك الليلة أولى وأفضل إذ إن الصلاة في جماعة مندوب إليها1، ولكن تكثير سواد أهل البدع منهي عنه وترك المنهي عنه واجب وفعل الواجب متعين فيترك المندوب له وهو الصلاة في جماعة في المسجد في تلك الليلة، ولأنه يخاف بسبب ذلك أن يكون مشاركًا للحاضرين في أماكن البدع في الإثم وهذا وجه.

الوجه الثاني أنه قد يأنس قلبه بتلك البدع فيؤول إلى ترك التغيير وقد تقدم أنه أدنى رتب التغيير لما ورد: "وليس وراء ذلك مثقال حبة من خردل من إيمان" 2

طور بواسطة نورين ميديا © 2015