فكيف يتقرب إلى الله بما هو مسيء به متعد فيه لحدوده. وصح عنه أنه كان يغتسل هو وعائشة1 رضي الله عنها من قصعة بينهما فيها أثر العجين ولو رأى المسوس من يفعل هذا لأنكر عليه غاية الإنكار وقال ما يكفي هذا القدر لغسل اثنين كيف والعجين يحلله الماء فيغيره هذا والرشاش ينزل في الماء فينجسه عند بعضهم ويفسده عند آخرين فلا تصح به الطهارة، وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع غير عائشة مثل ميمونة وأم سلمة وهذا كله في الصحيح، وثبت أيضًا في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان الرجال والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضئون من إناء واحد. والآنية التي كان عليه السلام وأزواجه وأصحابه ونساؤهم يغتسلون منها لم تكن من كبار الآنية ولا كانت لها مادة تمدها كأنبوب الحمام ونحوه ولم يكونوا يراعون فيضانها حتى يجري الماء من حافتها كما يراعيه جهال الناس ممن بلي بالوسواس في جرن الحمام. فهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم -الذي من رغب عنه فقد رغب عن سنته- جواز الاغتسال من الحياض والآنية وإن كانت ناقصة غير فائضة. ومن انتظر الحوض حتى يفيض ثم استعمله وحده ولم يكن أحدًا أن يشاركه في استعماله فهو مبتدع، مخالف للشريعة، قال شيخنا -ابن تيمية عليه الرحمة- ويستحق التعزير البليغ الذي يزجره وأمثاله عن أن يشرعوا في الدين ما لم يأذن به الله ويعبدوا الله بالبدع لا بالاتباع. ودلت هذه السنن الصحيحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يكثرون صب الماء. ومضى على هذا التابعون لهم بإحسان قال الإمام أحمد: من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء، وقال تلميذه المروزي: وضأت أبا عبد الله فسترته من الناس لئلا يقولوا إنه لا يحسن الوضوء لقلة صب الماء. وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه توضأ من إناء فادخل يده فيه ثم تمضمض واستنشق وكذلك كان في غسله يدخل يده في الإناء ويتناول الماء منه والموسوس لا يجوز ذلك ولعله أن يحكم بنجاسة الماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015