وأما الشطر الآخر: فهو كالشرح لما قبله؛ خرّجت فيه الأحاديث الواردة في
الشطر الأعلى، مستقصياً ألفاظه وطرقه، مع الكلام على أسانيدها وشواهدها،
تعديلاً وتجريحاً، وتصحيحاً وتضعيفاً؛ حسبما تقتضيه علوم الحديث الشريف
وقواعده، وكثيراً ما يوجد في بعض الطرق من الألفاظ والزيادات ما لا يوجد
في الطرق الأخرى؛ فأضيفها إلى الحديث الوارد في القسم الأعلى إذا أمكن
انسجامها مع أصله، وأشرت إلى ذلك بجعلها بين قوسين مستطيلين
هكذا: [] ، دون أن أنصَّ على من تفرَّد بها من المخرجين لأصله، هذا إذا كان
مصدر الحديث ومخرجه عن صحابي واحد، وإلا؛ جعلته نوعاً آخر مستقلاً
بنفسه - كما تراه في أدعية الاستفتاح وغيره -، وهذا شيء عزيز نفيس؛ لا
تكاد تجده هكذا في كتاب. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ثم أذكر فيه مذاهب العلماء حول الحديث الذي خرجناه، ودليل كل
منهم مع مناقشتها، وبيان ما لها، وما عليها، ثم نستخلص من ذلك الحق
الذي أوردناه في القسم الأعلى، وقد أُورِدُ فيه بعض المسائل التي ليس عليها
نص في السنة؛ إنما هي من المجتهد فيها، ولا تدخل في موضوع كتابنا هذا.
أسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به إخواني
المؤمنين، إنه سميع مجيب.