فكان اجتهاد جديد هو الاجتهاد في المسائل، ثم دخل الفقه في أوائل القرن السادس دور الترجيح، وهو دور اجتهاد نظري، يعتمد درس الأقوال وتمحيصها، والاختيار فيها بالترجيح، والتشهير، حتى انتهى ذلك الاختيار إلى تصفية: برز في دور التقنين بتآليف مختصرات محررة، على طريقة الاكتفاء بأقوال تثبت، هي الراجحة المشهورة، وأقوال تلغي هي التي ضعفها النظر من الدور الماضي باعتبار أسانيدها، أو باعتبار مداركها، أو باعتبار قلة وفائها بالمصلحة التي تستدعيها مقتضيات الأحوال ... " (?).

هذا القتسيم لمراحل التطور الفقهي تصور أصيل يغطي تطور المدارس الفقهية بعامة، والمالكية بخاصة، تغطية تفصيلية، توضح طبيعة الإبداع في المنحى الفكري الفقهي في المراحل المختلفة لتطور المذهب وحتى العصر الحاضر.

ويرى الباحث لتحقيق الغرض من هذا البحث: أن هذا التقسيم الخمسي يمكن أن يندرج في ثلاثة أدوار رئيسية:

1 - دور النشوء:

وهو مرحلة التأصيل والتأسيس، الفترة التي تبدأ من نشوء المذهب على يد مؤسسه، وتنتهي بنهاية القرن الثالث التي تُوِّجت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015