بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الناس حاولوا وما زالوا يحاولون في التجمع على أساس الوطن الواحد أو اللغة الواحدة أو الأهداف والمصالح المشتركة، أو على أساس اللون أو العرق أو الجنس ونحو ذلك، وسرعان ما تضمحل وتتلاشى هذه التجمعات الجاهلية، لأنها ليست قائمة على الأساس المتين، الذي لا تنفصم عراه، ألا وهو العقيدة الواحدة.

لقد أقام الإسلام المجتمع الإسلامي على أساس وحدة العقيدة، التي تنبثق منها جميع التصورات الأخرى، وجعل الولاء والبراء على أساسها فقط، ومن ثم فإن المسلم أخو المسلم أينما كان وأينما حلَّ، قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (92) سورة الأنبياء.

وقال تعالى منددا بكل التصورات الجاهلية التي تقوم عليها المجتمعات الجاهلية: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (24) سورة التوبة

أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوَعُّدِ مَنْ آثَرَ حُبَّ القَرَابَةِ وَالعَشِيرَةِ وَالأَهْلِ وَالتِّجَارَةِ وَالأَمْوَالِ وَالمَسَاكِنِ. . . . عَلَى حُبِّ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، بِأَنْ يَتَرَبَّصُوا أَمْرَ اللهِ فِيهِمْ، وَيَنْتَظِرُوا عِقَابَهُ وَنَكَالَهُ بِهِمْ، وَاللهُ تَعَالَى لا يَهْدِي الفَاسِقِينَ الخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِهِ سَوَاءَ السَّبِيلِ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015