لم ينفق، فقال عمي وقد غضب أنا لا أعذره في هذا ولو حاز به الدنيا بأسرها، لا عذرني الله إن عذرته إذن.

وحدثني مدرك بن محمد الشيباني قال حدثني أبو العميس الصميري قال قلت لأبي العبر ونحن في دار المتوكل، ويحك إيش يحملك على هذا السخف الذي قد ملأت به الأرض خطباً وشعراً وأنت أديب ظريف مليح الشعر؟ فقال يا كشخان أتريد أن أكسد أنا وتنفق أنت؟ وأيضاً أتتكلم؟ تركت العلم وصنعت في الرقاعة نيفاً وثلاثين كتاباً؟ أحب أن تخبرني لو نفق العقل أكنت تقدم على البحتري، وقد قال في الخليفة بالأمس:

عَنْ أَيِّ ثَغْرٍ تَبْتَسُم ... وَبِأَيَّ طَرْفٍ تَحْتَكِمْ

فلما خرجت أنت عليه وقلت:

فِي أَيِّ سَلْحٍ تَرْتطَمْ ... وَبِأَيِّ كَفٍّ تَلْتَطِمْ

أَدْخَلْتُ رَأْسَكَ فِي الرَّحِمْ ... وَعَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْهَزِمْ

فأعطيت الجائزة وحرم، وقربت وأبعد. في حر أمك وحر أم كل عاقل معك. فتركته وانصرفت.

قال مدرك: ثم قال لي أبو العبر قد بلغني أنك تقول الشعر فإن قدرت أن تقول جيداً جيداً، وإلا فليكن بارداً بارداً مثل شعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015