قال: فأمر بلال فأذن، وأمر أبو بكر فصلى بالناس. ثمّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة، فقال: انظروا من أتكئ عليه. فجاءت بريرة، ورجل آخر، فاتكأ عليهما، فلما رآه أبو بكر ذهب لينكص، فأومأ إليه أن يثبت مكانه، حتّى قضى أبو بكر صلاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهى عائشة ووجه الشبه، أن زليخا استدعت النسوة، وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة، ومرادها زيادة على ذلك، وهى أن ينظرن حسن يوسف فيعذرنها فى محبته، وعائشة أظهرت أن سبب محبتها، صرف الإمامة عن أبيها، عدم استماعه القرآن، ومرادها زيادة على ذلك، هى أن لا يتشاءم الناس به. فقد روى البخارى عنها: «لقد راجعته وما حملنى على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع فى قلبى أن يحب الناس رجلا قام مقامه أبدا، وإلا كنت أرى أنه لن يقوم أى أحد مقامه، إلا يتشائم الناس به» «فصلى بالناس سبع عشرة صلاة» كما نقله الدمياطى. (بريرة ورجل آخر): فى رواية الشيخين «فى سياق آخر رجلين وعباس وعلى»، ورواية مسلم «العباس وولده الفضل»، وفى أخرى «العباس وأسامة»، وعند الدار قطنى «أسامة والفضل»، وعند ابن حبان «بريرة ونوبة» بضم فسكون أمة، وقيل: عبد، وعند ابن سعد «الفضل وثوبان» رضى الله عنهم.
وجمعوا بين هذه الروايات على تقدير ثبوتها بأن خروجها تعدد فيتعدد من اتكئ عليه، وهذا أولى من الجواب بأن العباس لكبر سنه وشرفه، كان ملازما للأخذ بيده، ولذا ذكرته عائشة، وأما الباقون فتناوبوا يده الشريفة وخصوا بذلك، لأنهم خواص أهل بيته وأكابرهم، ولما لم يلازمه أحد فى جميع الطريق، أبهمت عائشة الرجل الذى مع العباس. ووجه أولوية الجمع الأول أن الثانى لا يجتمع به الروايات كلها، لأن بعضها لم يذكر فيه العباس. «لينكص»: ليرجع إلى ورائه القهقرى. (فأومأ): أشار إليه النبى صلى الله عليه وسلم. (أن. . .) إلخ: ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم اقتدى به، والذى رواه الشيخان «أنه صلى الله عليه وسلم جاء حتى جلس عن يساره، فكان يصلى قاعدا وأبو بكر قائما يقتدى أبو بكر بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم والناس يقتدون بصلاة أبى بكر» (?). وفيه ما يدل على أنه إمام ومأموم، وجاء فى رواية