. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فأضجعاه لقفاه ثم شقا بطنه، وأحدهما يأتى بالماء فى طست ذهب، والآخر يغسل جوفه، ثم صدره، ثم قلبه، فقال له الآخر: أخرج الغلّ والحسد منه، فأخرج شبه العلقة فنبذ به، ثم قال: أدخل الرأفة والرحمة عليه، فأدخل شيئا كهيئة الفضة، ثم أخرج ذرورا فذر عليه، ثم نقر إبهامى، ثم قال: اغد، فرجعت علام أغد به من رحمتى للصغير، ورقتى على الكبير» (?) وفى رواية لأبى نعيم: «فاستخرج حشوة جوفى فغسلها، ثم ذر عليها ذرورا، ثم قال: قلب وكيع-أى داع-فيه عينان تبصران، وأذنان تسمعان، وأنت محمد رسول الله المقفى، الحاشر، قلبك سليم ولسانك صادق، ونفسك مطمئنة، وخلقك قيم، وأنت قيم» (?) وإنما خلقت تلك العلقة فيه تكملة لخلقه الإنسانى، إذ هى من جملة أجزائه، ثم استخرجت منه بأمر ربانى طرا بعد الدلالة على مزيد الاعتناء به، والمبالغة فى تطهيره من الرذائل والنقائص. وإنما اختلفت تلك الروايات لوقوع الشق مرارا أربعة: عند حليمة، ثم وهو ابن عشر، ثم عند مناجات جبريل له بغار حراء، ثم عند الإسراء، ورواية خامسة لا تثبت، والواقعة فى طفولته من الإرهاص لا المعجزة، لاشتراط مقارنتها للنبوة على الأصح، وحكمة النص فى الآية على شرح الصدر دون القلب: أن الصدر محل الوسوسة، كما فى سورة الناس فإزالتها وإبدالها بدواعى الخير هى الشرح، فهو راجع للمعرفة والطاعة، لأنه لما بعث للأحمر والأسود، من إنسى وجنى، أخرج تعالى من قلبه جميع الهموم، فاتسع لجميع المهمات من غير قلق ولا ضجر. (وأصدق الناس لهجة) بفتحتين أو بفتح فسكون، أى لسانا، أى: كان لسانه أصدق الألسنة، فيتكلم بمخارج الحروف على ما هى عليه، بما لا يقدر عليه أحد، إذ هو أفصح الخلق، وأعذبهم كلاما وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، كأن كلامه يأخذ بمجامع القلوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أنا أفصح العرب، وإن أهل الجنة يتكلموا بلغة محمد صلى الله عليه وسلم» (?) وقال له مرة: يا رسول الله: ما لك أفصحنا، ولم تخرج إلا من بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015