ابن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب:
«أنّ رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه. فقال النّبىّ صلى الله عليه وسلم: ما عندى شىء، ولكن ابتع علىّ، فإذا جاءنى شىء قضيته. فقال عمر: يا رسول الله قد أعطيته، فما كلّفك الله ما لا تقدر عليه، فكره النّبىّ صلى الله عليه وسلم قول عمر. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخف من ذى العرش إقلالا فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف فى وجهه البشر، لقول الأنصارىّ. ثمّ قال: بهذا أمرت».
341 - حدثنا على بن حجر، أخبرنا شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت:
«أتيت النّبىّ صلى الله عليه وسلم بقناع من رطب، وأجر زغب، فأعطانى ملء كفّه حليا وذهبا».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أخرى، قيل: هذه أو الميسور من القول، وهو قولك: ما عندى شىء، فاكتفت بذلك، ولا تجعل فى ذمتك دينا، فقيل: كلا هذين بعيد، والأقرب، أن المعنى قد أعطيته سؤاله، وجعلت له دينا فى ذمتك، فلا تفعل غير ذلك، لأن الله لم يكلفك بذلك انتهى، وليس كما زعم، بل البعيد ما ذكره، بل لا يطابق اللفظ أصلا، لأن الذى دل عليه كلام عمر أنه أعطاه بالفعل والقول، فلا يعطيه ثانيا بالتزام دين له فى ذمته.
(قول عمر): أى من حيث التزامه قنوط السائل وحرمانه، لا لمخالفته الشرع، وعلل بعضهم هذا بغير ما ذكر مما لا ينفع فاحذره. (إقلالا): أى شيئا من الفقر. (بهذا): أى الإنفاق وعدم الخوف. (أمرت): لا بما قال عمر كما أفاده تقديم الظرف المقيد للقصر أى قصر القلب وردا لاعتقاد عمر، وأفاد صلى الله عليه وسلم بذكره أمره بالإنفاق فى هذه الحالة، أنه مأمور به فى كل حال دعت إليه المصلحة بالاستئلاف ونحوه، لأنه يمكنه بقرض ونحوه، فإن عجر فبعده، وهى إنفاق لأنها التزام للنفقة، وإن لم يلزم ذلك عندنا ويلزم عند غيرنا.
341 - (قالت) إلخ: تقدم بلفظه مع الكلام عليه فى فاكهة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبق هذا، أن له مناسبة تامة لعظيم خلقه.