. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يخاف الفقر»، وأعطى صفوان بن أمية يوم حنين مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة حتى صار أحب الناس إليه بعد أن كان أبغضهم إليه، فكان ذلك سببا لحسن إسلامه، وروى المصنف: «أنه حمل إليه تسعون ألف درهم فوضعت على حصير ثم قام إليها فقسمها فما رد سائلا قط حتى فرغ منها» وجاءته امرأة يوم حنين أنشدته شعرا تذكر فيه أيام رضاعته فى هوازن، فرد عليهم ما قيمته خمسمائة ألف ألف. قال ابن دحية: وهذا نهاية الجود الذى لم يسمع بمثله فى الوجود، وفى البخارى «أنه أتى بمال من البحرين فأمر بصبه فى المسجد، وكان أوتى به فخرج إلى المسجد، ولم يلتفت إليه فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه إذ جاء العباس فسأله فقال له:

خذ، فحثى فى ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعضهم يرفعه، فقال: لا، فقال: ارفعه أنت على، فقال: لا، فنشر منه، ثم ذهب يقله، فلم يستطع، فقال: كالأول، فقال: لا، ثم نثر منه، ثم احتمله، فاتبعه صلى الله عليه وسلم بصره حتى غاب عجبا من حرصه فما قام منها بدرهم»، وفى خبر مرسل «أنه كان مائة ألف».

(فيأتيه): فاؤه للتعليل لكونه أجود الناس، أى: سبب أجوديته إتيان جبريل له كل ليلة من رمضان كما فى الصحيحين، وإنما كان إتيانه سببا لذلك، لأنه رسول ربه إليه، بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ومنه أنه أمين حضرته، والمتولى لقسمة مواهبه وعطيته «إنما أنا قاسم، والله معط» وذلك موجب نهاية الأجودية، وأيضا فإنه إذا جاءه، وعرض عليه القرآن، تجدد تخلقه بأخلاق ربه، وأفيض عليه غاية جوده، ونهاية قربه ح ويزداد جوده ويتسع، ولا ينافى هذا أن نفس كونه فى رمضان، له دخل فى الأجودية أيضا، باعتبار أنه تخلق بأخلاق الله تعالى وضع رمضان لإفاضته رحمته على عباده فيه أضعاف ما يفيضها عليهم فى غيره، ومن ثم أمر العباد كلهم فيه بمزيد الإنفاق على المحتاجين، والتوسعة على العيال، والأقارب، والمحبين. (من الريح): متعلق بأجود لتضمنه معنى أسرع، ويصح عدم التضمين نظرا لكون المرسلة ينشأ عنها جود كثير أيضا، لأنها تنشر نشر السحاب وتلقحها حتى تملأها ماء، ثم تبسطها حتى تعم الأرض فيصب ماؤها عليها، فيحيى به أموات الأرض.

(المرسلة): بفتح السين أى: المطلقة بمعنى أنه فى الإسراع فى الجود أجود منها وعبر بالمرسلة: إشارة إلى دوام هبوها بالرحمة، وإلى عموم النفع بجوده صلى الله عليه وسلم كما تعم الريح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015