. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والعقلية: وكمالها النطق بالحكمة، وفى حديث ضعيف «أنا أجود بنى آدم» (?) وهو بلا ريب أجودهم مطلقا، كما أنه أكملهم فى سائر الأوصاف، ولأن جوده لم يقصر على نوع، بل كان بجميع أنواع الجود من بذل العلم والمال، وبذل نفسه لله فى إظهار دينه، وهداته عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم، وكان جوده صلى الله عليه وسلم كله لله فى ابتغاء مرضاته، إذ بذله المال لمحتاج، أو لمن يتألفه، أو ينفقه فى سبيل الله، وكان يؤثر على نفسه وأولاده، فيعطى عطاء يعجز عنه الملوك، وعيشه فى نفسه عيش الفقراء، فربما مر عليه الشهران لا يوقد فى بيته نارا، وربما ربط الحجر على بطنه الشريف من الجوع، وقد أتاه سبى، فشكت إليه فاطمة رضى الله عنها ما تلقاه من الخدمة، وطلبت منه خادما يكفيها ذلك، فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتحميد والتكبير، وقال: «لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع»، و «كسته امرأة بردة فلبسها محتاجا إليها فسأله فيها بعض أصحابه فأعطاه إياها» رواه البخارى واستنبط منه الصوفية جواز استدعاء المريد من الشيخ خرقة التصوف تبركا بهم وبلباسهم، كما استدلوا لإلباس الشيخ للمريد بإلباسه صلى الله عليه وسلم أم خالد خميصة سوداء ذات علم، وما يذكره بعضهم من أن الحسن البصرى لبسها من على رضى الله عنه باطل، مع أن الحسن لم يسمع من على رضى الله عنه ولم يرد ولا فى خبر ضعيف أنه صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحدا منهم بفعلها، وكل ما يروى فى ذلك صريحا فباطل، ذكر ذلك أحد المتأخرين من المحدثين، نعم لبسها وألبسها بعض منهم تشبيها بالقوم، وتبركا بطريقهم، إذ ورد لبسهم لها مع الصحبة المتصلة إلى كميل بن زياد، وهو صحب عليا اتفاقا، وفى بعض الطرق، اتصالها بأويس القرنى، وهو قد اجتمع بعمر وعلى رضى الله عنهما، وكثير منهم يكتفى بمجرد الصحبة، وتلقين الذكر، وهو الذى آثرناه عن العارفين ممن رأيناه منهم، وفى هذا الحديث والأحاديث التى بعده عظيم سخائه، وجوده وكرمه صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما رواه مسلم: «أنه ما سئل شيئا إلا أعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدا يعطى عطاء من لا