334 - حدثنا أحمد بن عبدة الضبى، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن الزهرى، عن عائشة، قالت:
«ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرا من مظلمة ظلمها قطّ، ما لم ينتهك من محارم الله شىء، فإذا انتهك من محارم الله شىء كان من أشدّهم فى ذلك غضبا، وما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثما».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القافلة بعد أن كان متأخرا عنها، إلا أن يجاب بأن وقع فى بعير جابر كالمعجزة وضربه لمركوبه لم يكن مؤذيا فالكلام إنما هو فى المؤذى. (إلا أن يجاهد) احتاج إليه، لأنه وقع منه ذلك فى الجهاد حتى أنه قتل اللعين أبى بن خلف بأحد. (ولا ضرب خادما ولا امرأة) خصهما مع دخولهما فى شيئا اهتماما بشأنهما، ولكثرة وقوع ضرب هذين، والاحتياج إليه، ويؤخذ من تركه صلى الله عليه وسلم له فيه؛ أن ضربهما وإن جاز بشرطه المذكور فى الفقه، الأولى تركه، قالوا: بخلاف الولد، فالأولى تأديبه، ويوجه: بأن ضربه لمصلحة تعود إليه، فلم يندب العفو، بخلاف ضرب ذينك، فإنه لحظ النفس، فالعفو فيهما مخالفة لهواها، وكظما لغيظها.
334 - (ما رأيت) ما علمت إذ هو الأنسب بالمقام. (منتصرا) منتقما. (مظلمة) هى بفتح الميم واللام مصدر، وبكسر اللام أو ضمها: ما أخد أو أحل من معصوم عدوانا، سواء كان فى البدن، أم العرض، أم المال، أم الاقتصاص. (ظلمها) المنصوب على الأول مفعول مطلق، وعلى الثانى مفعول به، وظلم يتعدى لمفعولين كما فى القاموس، خلافا لمن زعم قصره على واحد، فقد ظلم بها، وإن لم ينتقم صلى الله عليه وسلم منها، مع أن مرتكبها قد باء بإثم عظيم سيما لبيد بن الأعصم الذى سحره، واليهودية التى سمته، لأنه حق آدمى يسقط بعفوه بخلاف حقوق الله التى ذكرها بقوله: (ما لم تنتهك) ترتكب. (محارم الله) جمع محرم أى شىء حرمه الله على عباده، فإن قلت: مظلمته صلى الله عليه وسلم إيذاء، وإيذاؤه كفر، وهو حق الله كيف يسقط بعفوه؟ قلت: لا، ثم إن مطلق