330 - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعى، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال:
«خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لى: أفّ قطّ، وما قال لشىء صنعته لم صنعته، ولا لشىء تركته لم تركته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، ولا مسست خزا ولا حريرا ولا شيئا كان ألين من كفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكا قطّ، ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثانى. (أنى لم أكن سألته) أعاد ذلك لأنه قبل السؤال كان يظن أن إقباله صلى الله عليه وسلم لخيريته، فلما سأل وبان له أن إقباله إنما هو للتألف، وأن زيادته ينبئ عن الشر، فإن الإقبال ربما أنبأ عن شر عنده، فندمه لذلك، بل ولظهور خطأ ظنه الذى يستحق منه مثله، وهذا جواب ظاهر، ووقع لبعضهم هنا ما لا يفهم بعضه، ولا ينبغى نقله فاجتنبه، والحامل لعمرو على ذلك: بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من عظيم التألف، ليقتدى به أمته فى ذلك، وإرشادا للسائل إلى أنه ينبغى أن لا يسأل عن شىء، إلا بعد تحقق أمره، وإلا بان خطؤه، وظهرت فضيحته وفى نسخة مصححة: «فصدّقنى» بالتشديد، قيل: وجهه غير ظاهر انتهى، ويوجه: بأنه صدقه فى ظنه أنه خير أصحابه لجهله بعادته، فلذلك لم يعمقه فى تطلعه إلى أفضليته حتى على الشيخين، وهذا معنى صحيح، فليحمل التشديد عليه، وعلى نسخة: «صدقنى» بلا فاء تكون جملة حالية بتقدير قد سواء فى ذلك المخفف والمشدد.
330 - (عشر سنين) هى أكثر الروايات، ورواية مسلم: «تسع سنين» وهى محمولة على التحديد، والأولى على التقريب الفاء للكسر، إذ خدمة أنس له إنما هى فى أثناء السنة الأولى. (أف) اسم فعل للتضجر والتأوه يستعمل فى كل ما يستقذر للواحد والاثنين، والجمع، والمذكر، والمؤنث بلفظ واحد ولغاتها عشر معروفة. (قط) بضم الطاء المشددة مع فتح أوله، وضمه وبفتح فسكون، ثم الكسر مع التشديد وعدمه، وهى لتوكيد نفى الماضى. (وما قال. . .) إلخ فيه بيان كمال خلقه، وحسن عشرته،