إسحاق، عن زياد بن أبى زياد، عن محمد بن كعب القرظى، عن عمرو بن العاص، قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على أشرّ القوم، يتألفهم بذلك.
فكان يقبل بوجهه وحديثه علىّ، حتّى ظننت أنّى خير القوم. فقلت: يا رسول الله: أنا خير أو أبو بكر؟ فقال: أبو بكر. فقلت: يا رسول الله: أنا خير أم عمر؟ فقال، عمر. فقلت: يا رسول الله: أنا خير أم عثمان؟ فقال: عثمان: فلمّا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدقنى، فلوددت أنّى لم أكن سألته».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكبير المتعال. (أشر القوم) استعمال الألف فيه لغة قليلة هكذا والأكثر شر، وكذا يقال فى خير وأخير. (يتألفهم) جملة استئنافية من أسلوب الحكيم كأنه قيل: لما يفعل ذلك؟ قال: يتألفهم أى يستأنفهم لتزداد رغبتهم فى الإسلام، والضمير للأشر، لأنه جمع فى المعنى، أو للقوم، لأن التألف كان عاما لجميعهم، لكنه يزيد فى الأشر، ولا ينافى هذا ما تقدم مما يدل على استواء أصحابه فى إقباله عليهم، لأن ذلك حيث لا عذر هنا تخصيص بالإقبال بالأشر، إنما هو لعذر التألف. (حتى ظننت أنى خير القوم) هذا من عظيم تألفه، وحسن معاشرته، وكريم خلقه صلى الله عليه وسلم فى التألف مر هنا، وظنه ذلك لأنه كان حديثا فى الإسلام، إذ إسلامه قريب فتح مكة كخالد بن الوليد رضى الله عنه فكان لا يعرف شيمته صلى الله عليه وسلم من التألف، فظن بكثرة إقباله عليه أنه خير القوم فسأله عما يأتى قبل التفريع فى قوله: «فكان يقبل» اهه يقتضى كما هو الظاهر أن يقال: حتى ظننت أنى أشر القوم، ولذا فسر بعضهم إلى خلاف ذلك الظاهر فقال: الفاء تعليلية لا تفريعية انتهى، ويجاب: بأنه رضى الله عنه حكى شيمته صلى الله عليه وسلم باعتبار ما فى باطن الأمر لما عرضها بعد وباعتبار ما ظنه لجهله بهذا أولا فالتفريع بالاعتبار الأول، والظن بالاعتبار الثانى، وحاصله: أنه لما أقبل عليه ظن أنه خير القوم، وفى الحقيقة: أن إقباله عليه يدل على أنه شر القوم كما هو عادته فى التألف، فتأمل ذلك، فإنه مهم ليزيد إقبالهم عليه، واستفادتهم منه. (فصدقنى) أجاب سؤالى بجواب خفى، والفاء فى جواب لما مر على ما فى أكثر النسخ سائغة كما صرح به بعض أئمة النحو أى لكنها خلاف الغالب، ولم يزدد ذلك من قال: إنها زائدة، والجواب بعدها مقدر أى: لما سألته فصدقنى ندمت، وح فقوله: (فلوددت) عطف على فصدقنى على الأول، وعلى ندمت المقدر على