. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولا يبصره) جملة حالية (فجعل) فطفق. (لا يألوما) مصدرية. (ألصق) أى لا يقصر فى إلصاقه ظهره بصدر النبى صلى الله عليه وسلم تحصيل الثمرات ذلك الإلصاق من الكمالات الناشئة عند (من يشترى العبد) وفى نسخة: هذا العبد ووجه تسميته عبدا واضح، فإنه عبد الله ووجه الاستفهام عن الشر الذى يطلق لغة على مقابلة الشىء بالشىء، وعلى الاستبدال أنه أراد من يقابل هذا العبد بالإكرام والتعظيم، أو من يستبد له منى بأن يأتينى بمثله؟ وقيل: المراد من يشترى مثل هذا العبد؟ وفيه ركاكة لا تخفى ويصح أن يريد التعريض له بأنه ينبغى له أن يشترى نفسه من الله ببذلها فى جميع مطالبه وما يرضيه. (إذا) جواب شرط محذوف أى إن بعتنى إذا والله تجدنى. (كاسدا) أى رخيصا لا يرغب أحد فى مقابلتى ولا الاستبدال وفى رواية: «إذا هذا والله» بزيادة هذا. (عند الله) متعلق بكاسد قدم عليه وعلى عامله للاهتمام والاختصاص، وكان من فوائد مزحه صلى الله عليه وسلم معه تلك البشرى العظيمة له وهى إخباره بعلى قدره ومرتبته عند الله، وذلك ببركة صحبة النبى له الناشئة عن مزيد تودد زاهر، وتقربه إليه صلى الله عليه وسلم وفى الحديث: جواز مصادقة أهل البادية ومهاداتهم، والدخول إلى السوق، والاعتناق من خلفه، وتسمية الحر عبدا.
ورفع الصوت فى مقام العرض على البيع ومداعبة الأعلى الأدنى وعدم المبالاة بمنع المعانق من معانقيه فى مقام المداعبة، ومداعبة الأعلى للأدنى بمثل هذا المتنزل الذى فيه المعانقة من خلفه، والنداء على السمع وغيرهما، ومدح الصديق بما يناسبه لقوله «باديتنا»، وقوله أنت عند الله غال، أو لست بكاسد، وإعلامه بمحبته له، وقبول الهدية، والمجازاة عليها وجواز ذكرها حيث لا منّ ولا إيذاء ولا اعتناء بنفع الصديق الأخروى، فإنه صلى الله عليه وسلم لما وجده مشغولا عن ربه ببيع متاعه فعل معه ما استيقظ به إلى شهود جمال ربوبيته، وبثّ لقيه من معارفه ما حمله على أنه إذا علم به لم يرض بمجرد ذلك العناق بل زاد فى تمكين ظهره بذلك الصدر المكرم ليزداد إمداده له وتلقيه منه.
فائدة: روى أبو يعلى: «أن رجلا كان يهدى إليه صلى الله عليه وسلم العكة من السمن أو العسل، فإذا طولب بالثمن جاء بصاحبه، فيقول للنبى صلى الله عليه وسلم أعطه متاعه، فما يزيد على أن يبتسم ويأمر به فيعطى» وفى رواية: «أنه كان لا يدخل المدينة طرف إلا اشترى منها، ثم جاءه بها فقال: يا رسول الله: هذا هدية لك، فإذا طالبه صاحبه بثمنه جاء به، فقال: اعط هذا الثمن فيقول له: ألم تهده لى؟ فيقول: ليس عندى، فيضحك ويأمر لصاحبه بثمنه».