واعترف بكماله وتقدمه المحققون الأعلام مع ما يشاهدونه من أخلاقه الحسنة وتواضعه الكلّى، لا سيما لآل النبى صلى الله عليه وسلم مع الدأب فى التصنيف والإقراء والإفتاء ليلا ونهارا، وكان ابتداء مرضه الذى انتقل فيه فى شهر رجب فترك التدريس نيفا وعشرين يوما ووصى يوم السبت الحادى والعشرين من الشهر المذكور وتوفى ضحى يوم الإثنين الثالث والعشرين منه سنة أربع وسبعين وتسعمائة وحصل للناس من الأسف عليه ما لا يوصف وازدحموا على جنازته يتبركون بحملها حتى كاد يطأ بعضهم بعضا.
ورؤى فى أثناء الطريق من نعالهم التى تقطعت حال الازدحام وتركوها شيئا كثيرا ودفن فى المصلاة بالقرب من مصلب ابن الزبير وجعل عليه تابوت من خشب.
ورثاه الشيخ عبد القادر الفاكهى بمرثيتين كبرى وصغرى فمن الكبرى قوله:
فيالك شيخا لا يضاهى مصابه … وقد كان بحرا تستقى غيثه السّحب
به أقلت شمس العلوم بمكة … ويا عجبا شمس يحيط به الترب
وقد جرّ ذيل العلم قبل مماته … على جهة العلياء إذ يشرق السّحب
ومنها قوله:
ويا عجبا للطّيّب وهو مطيّب … بطيب تصانيف تسير بها النّجب
تصانيف علم زاد فى الكمّ عدّها … على السّبع والسّبعين حرّرها الحسب
وكيف وطلاب العلوم بها غدت … شفاف (?) كعيس (?) ساقها الشوق والخصب
فمن لدروس العلم بعد ندارسه … وتقرير أبحاث تضمنها الكتب
ومن لفتاوى فى الأقاليم سيرها … تحث لها نجب ويجليها جلب
ومن لعباب (?) العلم بعد مغاضن (?) … على در فى الشرح يسعى لها العرب