وكان النبي عليه الصلاة والسلام تأتيه النصارى أيام مكثه صلى الله عليه وسلم في المدينة، فتأتيه وفود نصارى وغير نصارى، فهؤلاء الذين يأتونه أخلاطا، كان منهم من يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إذا لقيه فينتفع، وربما انتفع قومه من وراءه، ومنهم -والعياذ بالله- من لا يقبل، ومنهم من لا يقبل الإسلام، ولكن يقبل الجزية مع السلم، مثل نصارى نجران، وهذه سنة الله جل وعلا في خلقه، فالناس يردون على مورد واحد ويختلفون في انتفاعهم بالشيء الواحد.
كما أن الكلمة أو الموعظة أو المحاضرة أو الكتاب يقرؤه جم غفير، ولكن استفادة الناس مما يقرءونه تختلف، فهناك قرية موجودة إلى الآن اسمها: (جواثا) في الأحساء مررت عليها ولكني لم أزرها، هذه جاء منها وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا وقبلوا الإسلام وأذن لهم النبي عليه الصلاة والسلام في أن يصلوا جمعة، فلما عادوا إلى ديارهم نزلوا بجوار الهفوف الآن تقريباً وبنوا مسجداً وأقاموا جمعة، فما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جمعة تقام في الأرض إلا جمعتان: جمعة في مسجده صلى الله عليه وسلم، وجمعة في (جواثه) فهي ثاني جمعة أقيمت في الإسلام، ثم بعد ذلك كثرت الجمع، ولكنها ثاني جمعة، وأهلها إلى اليوم يفتخرون بها فيقولون: والمسجد الثالث الشرقي كان لنا والمنبران وفصل القول في الخطب أيام لا مسجداً لله نعرفه إلا بطيبة والمحجوج ذو الحجب يقولون: ما كان هناك مساجد إلا مسجد مكة يصلي فيه من لم يهاجر خفية، ومساجد طيبة، وهي: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومسجد قباء، ومسجد القبلتين.
وحق لهم أن يفتخروا.