إن النار -أعاذنا الله وإياكم منها- هي الخزي الأعظم والخسران الأكبر الذي أنبأ الله جل وعلا عنه في كتابه، ولا خسران أكبر منها ولا ندامة بعدها، ويقال: إن النيران ثلاث: نار تحرق ولها نور ولها ضوء، وهذه نار الدنيا، فإننا نرى نار الدنيا تؤذي من يقترب منها وتحرقه بقدر الله، وفي نفس الوقت لها منافع، ومنها كونها تضيء، قال الله جل وعلا: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة:71 - 73].
ونار تحرق ولكن ليس لها نور ولا ضوء ولا منافع، وهي نار جهنم أعاذنا الله وإياكم منها، فلا يمكن أن ينتفع بنار جهنم أحد؛ لأن الله جل وعلا خلقها عذاباً ولم يخلقها للانتفاع، فهي تحرق مثل نار الدنيا، مع الفارق في الحرق، إلا أنه لا نفع من ورائها كما يمكن أن ينتفع من نار الدنيا.
ونار ثالثة لا تحرق ولها نور ولها ضوء، وهي النار التي رآها موسى عليه الصلاة والسلام عندما اقترب من الشجرة عند جبل الطور قبل أن يكلمه ربه تبارك وتعالى، فهذه نار لها نور ولها ضوء، ولكنها لا تحرق، ولذلك لم تتغير الشجرة التي رآها موسى عليه الصلاة والسلام، وإنما رآها تزداد خضرة.