يقول تعالى: (وأنتم) أي: من حول الميت (حينئذ تنظرون)، أي: إلى الميت، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ} [الواقعة:85]؛ لأن من حول الميت لا يرون الملائكة وهي تقبض روح الميت، فتخرج الروح فيتبعها البصر، وعندئذ يسن تغميض العينين، فإذا صعدت فإنها قد تكون روح مؤمن، فيشيعها من كل سماء مقربوها، وتفتح لها أبواب السماء، وتصل إلى العرش ويراها أبونا آدم، كما في حديث المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أبانا آدم حوله أسودة عن يمينه وعن شماله، فإذا نظر جهة اليمين ضحك، وإذا نظر جهة الشمال بكى.
فحين تصل إلى العرش يقول الله جل وعلا: صدق عبدي، اكتبوا كتاب عبدي في عليين ثم أعيدوه، فإني قد وعدتهم {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55] فتعود إلى بدنه.
وعلى النقيض من ذلك -أعاذنا الله وإياكم- قد تكون روح كافر منافق، قال الله {لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} [الأعراف:40]، ثم تعود إلى الجسد، ولكنها لا تعود كما تعود الأولى، بل تطرح طرحا بإلقاء وبعنف، قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تلا: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:31].