ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى، قد رتب حصول التقوى والفلاح للإنسان في الدنيا والآخرة، على الإيمان بما ذكره سبحانه وتعالى من الأمور الغيبية في هذه الآيات، واليوم الآخر من جملة الغيب الذي يجب علينا الإيمان به، لكن الله سبحانه وتعالى خصه بالذكر، لبيان أهميته وبيان أثر الإيمان به على الإنسان في الدنيا والآخرة.
وكلما ازداد الإنسان يقينا باليوم الآخر، زاد إيمانه، وحرص على الأعمال الصالحة، وابتعد عن الأعمال السيئة، واستعد لهذا اليوم العظيم بما يحبه الله عز وجل، وهذا من أعظم آثار الإيمان باليوم الآخر على الإنسان، كما قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى - وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى - وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 37 - 41] (?) .
ولأهمية الإيمان باليوم الآخر فقد ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم كثيرا، وأقام الدليل عليه، ونوع الأدلة فيه، وبسطها وربطها بالفطرة والعقل، ورد على المنكرين له بأنواع الأدلة والأمثلة، وأمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقسم به على وقوع اليوم الآخر تأكيدا له، كما قال عز وجل: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن: 7] (?) .
والنصوص الدالة على هذا كثيرة جدا، وليس المقصود هنا التوسع في ذلك، وإنما المقصود بيان أهمية الإيمان باليوم الآخر، وأثر الإيمان على الإنسان.
ولما كان اليوم الآخر من الأمور الغيبية، أعان الله سبحانه وتعالى خلقه على الإيمان به بأمور كثيرة، ومن ذلك ربط هذا الغيب بالأمور المحسوسة، فإن الغيب إذا ربط بالأمور المحسوسة سهل الإيمان به على الإنسان، ومن هذه الأمور المحسوسة التي تعين على الإيمان باليوم الآخر، أشراط الساعة.