أحد كما يدعي ذلك في الدنيا. وشاهد ذلك قوله: {لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار}
ومن قرأ {مالك يوم الدين} فتأويله على وجهين: أحدهما أن يكون تأويله يملك يوم الدين فيكون الفعل واقعًا على اليوم نفسه. والآخر أن يكون تأويله: يملك في يوم الدين: أي يملك سائر الأشياء في يوم الدين. وخص به يوم الدين لأنه اليوم الذي لا يملك أحد فيه شيئًا مما كان الله ملكهم في الدنيا كما ذكرنا.
فإن قال قائل: فكيف قال {مالك يوم الدين}؟، ويوم الدين لم يوجد بعد؟ فكيف وصف نفسه بملك ما لم يوجد بعد؟ قيل له: ذلك جائز في كلام العرب. لأن اسم الفاعل قد يضاف إلى ما بعده وهو بمعنى الفعل المستقبل، فيكون ذلك عندهم كلامًا سديدًا معقولاً صحيحًا، كقولك: «هذا ضارب زيدًا غدًا» أي سيضرب. وكذلك «هذا حاج بيت الله في العام المقبل» تأويله: سيحج في العام المقبل. أفلا ترى الفعل قد نسب إليه وهو لم يفعله بعد وإما أريد به الاستقبال فكذلك قوله عز وجل {مالك يوم الدين} على تأويل الاستقبال. أي سيملك يوم الدين أي في يوم الدين إذا حضر.
والوجه الآخر: أن يكون تأويل المالك راجعًا كما ذكرنا إلى أنه قادر في يوم الدين، أو على يوم الدين واحداثه لأن المالك للشيء قادر عليه، ومصرف له كما ذكرت. والوجه الأول أمس بالعربية وانفد في طرقها.
ويقال: ملكت الشيء أملكه ملكًا، والملك: الاسم مما يكون مالكه ملكًا، والملك: الاسم لما يكون صاحبه مالكًا.
والملكوت والملك سواء ووزنه «فعلوت» ومثله جبروت من الجبرية وهي العظمة. وفي الملك ثلاث لغات: ملك، ومليك، وملك. قال ابن كثلوم: