وإن قال: لا أصرفها. قيل له: فقد فعلت بها العرب والعلماء خلاف ذلك. وأعدنا عليه الكلام. وهذا إجماع العرب على ما سمع منهم ونقل عنهم، ولا خلاف فيه بين العلماء أجمعين. وإنما يسأل عن هذه المسائل من كان من أهل العربية واعتقد أحد المذهبين وتكلم عليه. وكذلك نسأله عن مثل ذلك في عريان، وسكران، وسلمان، وعلياء، وخرباء، وحمراء، وبيضاء، وخضراء، ورمان، ومران وما أشبه ذلك. ونقول له: كيف تعمل فيها أتصرف كلها؟ فيكون مخالفًا للعرب أجمعين أو يترك صرفها كلها فيكون أيضًا مخالفًا. فإن تكلم في أصولها وبين ما ينصرف منها على كل حال وما ينصرف في حال دون حال، وما لا ينصرف على حال لم يمكنه ذلك إلا بالاشتقاق وردها إلى أصولها وتصريفها ليبين له ذلك.
وكذلك نسأله عن جمع سلطان، وسرحان، وسكران، ومصران، وعثمان وما أشبه ذلك. وهل يجمع بينها أو يفرق؟ فإن جمع بينها خالف العرب أجمعين والنحويين كلهم. وإن فرق بينها طولب بعلة فرقان، ولن يجد السبيل إلى ذلك إلا بالاشتقاق.
فإن قال: أرجع في ذلك إلى المسموع من العرب لم يمكنه ذلك لأنه ليس كل هذا النوع من الجموع وما جرى مجراها مسموعًا من العرب منقولاً كلمة كلمة حتى لا يغادر منه شيء، وإنما سمع بعضه فقيس الباقي عليه. فإن ادعى رواية ذلك حرفًا حرفًا وكلمة كلمة طولب بالكتاب الذي يوجد فيه ذلك، وبالناقل له والراوي، ولن يجد إلى ذلك سبيلاً لأنه أكثر من أن يؤتي عليه حرفًا وكلمة كلمة، وما ادعى هذا أحد قط.
ونسأله أيضًا عن وزن درية وسرية والنبي وما أشبه ذلك. فإن تكلم فيه قال بالاشتقاق لأن لكل واحد من هذه الأسماء وجوهًا وضروبًا يمكن رده إليها وليس يمكنه القطع على بعضها دون بعض إلا باشتقاق يليق به، وإن لم يتكلم في شيء من ذلك سقط كلامه لأنا إنما نخاطب على الاشتقاق والتصاريف وعللها على صحة الاشتقاق أنه قد عرف بعض العرب الاشتقاق وعقله وجاء [في] أشعارهم.