ولو قال لوجه مصلى: «هذا بطانته»، ولما ولي الأرض منه: «هذا ظهارته» لكان غير بعيد من أن يقال: هذيت، وأحلت، وإنما أراد الله تبارك وتعالى أن يفهم عباده من حيث يفهمون، ويعرفهم فضل هذه الفرش، وأن ما ولي الأرض منها هو البطانة من الاستبرق وهو الغليظ من الديباج فإذا كانت البطانة كذلك، والظهارة أعلى وأشرف لأن العادة بذلك جرت عند الآدميين.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أخشن من هذه الحلة».
فذكر المناديل دون غيرها لأنها أخشن من الثياب، وكذلك البطائن أحسن من الظواهر.
فأما قولهم: ظهر السماء، وبطن السماء جميعًا لما ولينا فإن مثل هذا قد يجوز في ذي الوجهين المتساويين إذا ولي كل واحد منهما قومًا كقولك لحائط بينك وبين قوم: «هذا ظهر الحائط» لما وليك، ويقول الآخرون لما وليهم: «هذا ظهر الحائط» لأنه لا فرق بينهما، وكل واحد من الوجهين ظهر وبطن لتساويهما. وكذلك تقول لما وليك: «هذا بطن الحائط» تريد أنه بطن لما وراءه، وتقول: «اضطرب بطن هذا الحائط» «وقد أعطى بطنًا» فهذا سائغ في ذي الوجهين المتساويين مما لم تجر العادة بأن يكون ظاهره خلاف باطنه في تفضيل وتشريف، فأما في الفرش واللباس فغير جائز. وكذلك أيضًا يقال لما ولينا من السماء: «هذا ظهرها» وهو لمن فوقها من الملائكة بطن.
وإنما ذهب الفراء في قوله: قد تكون الظهارة بطانة والباطنة ظهارة في قوله: «بطائنها من استبرق» فيما أرى إلى أن الظهارة والبطانة متساويان في الجلالة ليس