اليد والاقتصار عليه بينما العين تنظر مكان المستبيحين ومدى أذاهم في الآمنين البريئين، فإنه إن لم يكن إثما لم يكن برا, وإن دان به أكثر العرب. ولعل خير ما يمثل هؤلاء كلمة الزبير بن عبد المطلب أحد الحمس, وكان شاعرا خطيبا سيدا جوادا:
ولولا الحمس لم يلبس رجال ... ثياب أعزة حتى يموتوا
ثيابهم شمال أو عباء ... بها دنس كما دنس الحميت1
ولكنا خلقنا إذ خلقنا ... لنا الحبرات والمسك الفتيت
ويقطع نخوة المختال عنا ... رقاق الحد ضربته صموت
بكف مجرب لا عيب فيه ... إذا لقي الكريهة يستميت1
بقي أمر، وهو أي الحرمتين العرب أكثر رعاية لها: آلشهر أم الحرم؟ فإن المرء ليحب أن يعرف الواقع ليستطيع أن يتمم فكرته عن مفاضلتهم بين الحرمتين. ومن يتتبع ما وراء الحوادث يعرف أن العرب أرعى لحرمة الحرم منها لحرمة الشهر، ولنا على ذلك أدلة:
1- منها أن حرمة الحرم لا تكلفهم إلا رعاية مكان محدود مدة إقامتهم فيه, فهي ميسورة لهم وقل أن حفظ التاريخ انتهاكا لحرمة