العرب مثل ما تعرف لنا. فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم, فإنكم إن فعلتم ذلك استخف العرب بحرمتكم وقالوا: قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم". فأجمعوا على هذا الرأي وتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها كما يفعل سائر العرب. وهم مع إقرارهم أن الوقوف بعرفة من مشاعر الحج ودين إبراهيم، ومع أنهم يأمرون العرب عامة بالوقوف والإفاضة، ابتدعوا لأنفسهم البقاء في الحرم واعتذروا لذلك بقولهم: "نحن أهل الحرم, فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرم, ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس". فـ "لا نفيض إلا من الحرم، نحن قطين الله فلا نخرج من حرمه"1 وجعلوا لأنفسهم حق تمييز غيرهم بما ميزوا به أنفسهم. ثم ترقوا في الامتياز فحرموا على أنفسهم ائتقاط الأقط وسَلْء2 السمن ما داموا حرما، كما حرموا الاستظلال بغير بيوت الأدم محرمين، وكما حرموا على أنفسهم أن يدخلوا بيتا ما داموا محرمين. ثم حظروا على غيرهم الأكل من غير طعام الحرم, فمن جاء بطعام من غير الحرم، وكان حاجا أو معتمرا حرم عليه الأكل منه. ولم يقتصر تحكمهم بغيرهم على هذا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015