وأخذ أبو النجم ينشد أرجوزته:
"تذكر القلب وجهلا ما ذكر"
والعجاج على ناقته يسمع، ونفسه تحدثه بشر يصيبه. وجعل جمل أبي النجم يدنو من ناقة العجاج يتشممها، والعجاج يتباعد عنه لئلا يفسد ثيابه الخز ورحله الثمين الثقيل, بالقطران. وما زال الجمل يتقرب من الناقة والعجاج يتقهقر حتى وصل أبو النجم في إنشاده إلى قوله:
"شيطانه أنثى وشيطاني ذكر"1
فثارت عاصفة من الضحك والاستحسان من كل صوب وضج بها المربد، وتعلق الناس هذا البيت وهرب العجاج عنه.
15- صحابي بكتاب نبوي:
وهذا رجل من ضرب آخر قديم، أفلت منذ قرن، ليكون في المربد كما تكون العاديات في المعارض أو دور الآثار والمصانع:
روى الأصمعى عن يزيد بن عبد الله قال: بينما نحن بهذا المربد جلوس، إذ أتى علينا أعرابي أشعث الرأس فوقف علينا فقلنا: "والله لكأن هذا الرجل ليس من أهل البلد" قال الأعرابي: "أجل والله". وإذا معه قطعة من جراب أو أديم فقال: "هذا كتاب كتبه لي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم" فأخذناه فقرأناه, فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من محمد رسول الله لبني زهير "حي من عكل":
إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وفارقتم