وكان بحضرته أناس من أشراف القبائل، فانبرى له البراض بن قيس الضمري وكان فتاكا يضرب بفتكه المثل فقال: "أنا أجيرها على بني كنانة" فقال النعمان: "ما أريد إلا رجلا يجيرها على أهل نجد وتهامة" فقام عروة الرحّال أحد أشراف هوازن وكبرائهم فقال:
"أكلب خليع يجيرها لك؟ أبيت اللعن، أنا أجيرها لك على أهل الشيح والقيصوم" يريد عامة العرب, فحقدها عليه البراض وقال: "أعلى بني كنانة تجيرها يا عروة؟ " قال: "نعم وعلى الناس كلهم" فحمي البراض إذ عدها استهانة به واستخفافا بقومه، وأضمرها في نفسه غدرة شنعاء.
دفع النعمان اللطيمة إلى عروة فخرج بها, فتبعه البراض وعروة يرى مكانه ولا يخشى منه شيئا لأنه منيع بين قومه من غطفان، حتى إذا بلغوا "فدك" نزل عروة في أرض يقال لها: "أوارة" فشرب الخمر وغنته قينة ثم قام فنام.
اغتنم الفرصة البراض، وانسلّ إليه في خبائه، فلما رآه عروة ناشده واعتذر إليه وقال: "كانت مني زلة" فلم يفد الاعتذار شيئا ولم يخفف مما يضطرم في صدر البراض من الحقد، فانقض على عروة فقتله وخرج يرتجز ويقول: