أرضاً مواتًا إنَّما ذلك في الصحاري والبراري، وأمَّا ما قَرُبَ من العمران ما يتشاحّ الناس فيه فإن ذلك لا يكون له أن يُحْيِيَه إلاَّ بقطيعة من الإمام اهـ. قال ابن جزي فإن كانت قريبة من العمران افتقر إحياؤها إلى إذْن الإمام، بخلاف البعيدة من العمران اهـ. وفي الدردير: وافتقر إن قَرُبَ لإذْنٍ، وإلاَّ فللإمام
إمضاؤُه وجعلَهُ متعديَّا، بخلاف البعيد ولو ذَمِيًّا بغير جزيرة العرب، أي يفتقر الإحياء إلى إذنْ الإمام إن كان قريبًا من العمران بأ، كان حريم بلد. قال الحطاب: والقريب هو حريم العمارة ممَّا يلحقونه غدوًا ورواحًا. قال ابن رشد: وحدُّ البعيد من العمران ما لم يَنْتَهِ إليه مسرح العمران واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا إلى المبيت في مواضعهم، فإذا كانت قريبة وأحياها بغير إذْنٍ من الإمام فللإمام ردُّه وله إمضاؤه، يخلاف البعيدة فلا يفتقر إلى إذْنٍ من الإمام فهو مِلْكٌ له، سواء كان المُحْيي مسلِمًا أو ذمَّيًا ويُشْتَرِطُ في الذَّمَّي أن لا يكون إحياؤه في جزيرة العرب وإلأن فلا لأنها ممنوعة للَّمَّي، لقوله عليه الصلاة السلام: "لا يبقين دينان بجزيرة العرب" وفي رواية "هي مكة والمدينة واليمن وما والاها" اهز بتوضيح. وعبارة الخرشي: فإن كان المكان الذي يقع الإحياء فيه بعيدًا من العمران فإن المُحْيي لا يفتقر في إحيائه فيه لإذْن ولو كافرًا حيث كان الموضع المُحْيَا بغير جزيرة العرب المتقدَّم تفسيرها في باب الجِزْية للحديث المتقدَّم اهـ انظر المنتقى لأبي الوليد الباجي.
ثم ذكر رحمه الله تعالى ما يكون به إحياء المَوات فقال: "بِشَقَّ الأْنْهَارِ، وَاستخرَاج العُيُونِ وَالآبَارِ، والغَرِسِ والتَّحْجِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ" يعني كما قال الدردير: والإحياء بتفجير ماء وبإزالته وببناء وغرس، وتحريك أرض، وقطع شجر، وكسر حجرها مع تسويتها، لا بتحويط ورعي كلأ وحفر بئر ماشية إلاَّ أن يُبين المِلكية. قال الصاوي في حاشيته عليه: السبعة المتقدمة متفق على كونها إحياء، وهذه الثلاثة مختلف فيها، والصحيح أنها ليست إحياء. وانظر لو فعل في الأرض تلك الأمور الثلاثة