أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام إحياء الأرض الموات وما عطف عليها ممَّا ستقف عليه إن شاء اللَّه مفصَّلاً في مواضعه: وبدأ بالكلام على الإحياء كما صدر به اهتمامًا بشأنه، فقال رحمه اللَّه تعالى: "مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا غَيْرَ مُمْلُوكَةٍ فَهُوَ لَهُ، فَإِن عَادَ دَاثِرًا فَلِغَيْرِهِ إِحْيَاؤُهُ" يعني من عَمَّر الأرض الموات فهي مِلْكٌ له، والمَوات بفتح الميم، وهي الأرض لغا مالك لها ولا يُنْتَفَع بها، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحيا أرضًا مَيِتًّ فهي له وليس بِعرقٍ ظالم حَقٌّ" قال مالك والعِرقُ الظالِمُ ما احتفر أَو أُخِذ أو غُرِسَ بغير حقًّ اهـ. الموطَّأ. قال الدردير في أقرب المسالك: إحياء الموات، مضواتُ الأرض ما سَلِمَ من اختصاص بإحياء، ومَلَكها به ولو اندرست إلاَّ لإحياءٍ من غيره بعد طول، والطول بالعُرْف بأن يرى أن من أحياها أوّلاًّ قد أعرض عنها فإنها تكون للثاني، ولا كلام للأوَّل بخلاف إحيائها بقرب، لكن إن عمَّرها الثاني جاهلاً بالأوّل فَلَهُ قيمة عمارته قائمًا للشبهة، وإن كان عالِمًا فَلَه قيمتها منقوضًا، وهذا ما لم يسكت الأوّل بعد عِلمِه بالثاني بِلا عُذر، وإلاَّ كان سكوته وهو حاضر بلا عُذْر دليلاً على تَرْكِها له. وقولنا بعد طول، هذا هو المعتمد، وقيل تكون للثاني ولو لم يطل وهو ظاهر قول ابن القاسم، وعليه درج الشيخ أي سيدي خليل. وقيل لا تكون للثاني أبدًا بل هي لِمَنْ أحياها ولو طال الزمن قياسًا على مَنْ مَلِكَها بشراء أو إرْث أو هِبَة أو صَدَقة فاندرست، فإنها لا تخرج عن مِلْكِه لا كلام لِمَنْ أحياها ثانيًا اتفاقًا، إِلاَّ لحيازة بشروطها كما يأتي اهـ.
قال رحمه اللَّه تعالى: "وَيَقِفُ مَا قَارَبَ الْعِمَارَةَ عَلَى إِذْنِ الإِمَامِ" يعني كما قال مالك في المدوَّنة: ولا يكون له أن يحيي ما قَرُبَ من العمران: وإنَّما تفسير الحديث مَنْ أحيا