يقول: "العارِية مؤدَّاةٌ، والمِنْحَة مردودةٌ، والدَّيْن مَقْضِي، والزعيم غارمٌ" قال الترمذي حسن صحيح. والمِنْحَة: الشاة أو نحوها تُعار لأخْذ لَبَنِها. وأمَّا الإجماع فقد حكاه شيوخ المذهب. الثاني من الوجوه من أركانها الأربعة المعير، وشَرْطُه أن يكون من أهل التبرُّع وملاكِاً للمنفعة التي يريد الإعانة بها، ولو بإجارة أو استعارة لأنّ للمُعِير ان يُعِيرَ إن لم يَحْجُرْ عليه المُعِيرُ له ولو بلِسَان الحال، كأن يُفْهَمُ منه أنه لا يَسْمَحُ بإعارتها لغير اهذا المستعير. والمستعير، وشَرطْطه أن يكون ممَّن يجوز شَرْعًا انتفاعه بالعَارِية، فلا تصحُّ إعارة المصحَف للكافر، أو الغلام المسلم لِخدْمَة الكافر.
والشيئ المُعار، وشرطه أن يكون يمكن الانتفاع به من بقاء ذاته كالكتاب والثوب والبيت، بخلاف الطعام والنقد فلا يُعاران؛ لأنهما يستهلكان عند الانتفاع بهما، وإنما يقرضان، وأن تكون منفعته مباحة لمستعير فلا تعار الأمة أو الزوجة للاستمتاع بهما، ولا الأمَة لخدمة بالَغ غير محرَمٍ أو لِمَن تُعْتَقُ عليه لأنّ الخدمة فرع الملك، ومِلْكُها لا يستقرُّ لِمَن تُعْتَقُ عليه. وإن أعِيرت الأمَة أو العبد لِمَن يُعتقان علهي لم تصحَّ العارية، ويملكان خدمتهما تلك المدّة، ولا يملكها السيد ولا المستعير. وما به العارية وهي الصيغة من قول أو فعل تُفْهَمُ منه العارية. ثم إن قُيدت بزمن فلا إشكال في لزومها لأنها معروف وهو يلزم بالقول، وإن لم تُقَيَّدْ بزمن فاللازم ما تُعار لِمِثْلِه. قال خليل: ولزمت المقيَّدةُ بعمل أو أجلٍ لانقضائه وإلا فالمعتادة اهـ النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: "وَضَمَانُهَا كالرَّهْنِ" يعني أنّ ضمان العارية كضمان الرهن. يضمن ما يُغاب عليه ولا يضمن ما لا يُغاب عليه نحو عَبْدٍ أو دابة، إلاَّ أن يتعدَّى فَيَضْمَن. قال في الرسالة: والعارية لا يصدق في هلاكها فيما يُغاب عليه كما تقدَّم فراجِعْه إن شئت. قال بعضه: العارية مندوبة، وهي تميلك منفعة عين مباحة بلا عِوَض، إلاَّ البُضْع، وأمَة شابة لغير امرأة ومحرَمخ، وعَبْدًا مسلِمًا لكافر فلا تصح إعارتهم مَنْ يصحُّ