أي في بيان ما يتعلَّق بأحكامها وقد جعل رحمه الله تعالى لكل واحدة منهما فَصْلاً مستقلاً يختص بما يخصها من الأحكام كما ستقف عليه فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
قال رحمه الله تعالى: "الْعَارِيَةُ" أي بالمعنى اللغوي، أي هي الشيئ المُعَار كالإناء، ومعناها عُرْفًا فكما قال المصنف هي "تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ" قال في أقرب المسلاك الإارة تمليك منفعة مؤقتة بلا عوض، وهي مندوبة. ورُكْنُها مُعيرٌ وهو مالك المنفعة بلا حَجْرٍ وإن بإعارة أو إاجارة، ومستعيرٌ وهو مَنْ تأهل للتبرع عليه، لا مسلم أو مِصْحَف لكافر. ومستعار وهو ذو منفعة مباحة مع بقاء عينه لا جارية لاستمتاع بها، والعينُ والطعامُ قَرْضٌ وما يدلُّ عليها اهـ وعبارة أبي محمد في الرسالة أه قال: والعارية مُؤداةٌ. قال شارحها: واعلم أن الكلام على العارية من وجوه: الأول في حُكْمِها. وهو الندب هذا حُكْمُها الأصلي لأنها إحسان، وتتأكَّد في الأقارب والجيران والأصحاب، وقد يعرض لها الوجوب لِمَن معه شيئ مستغنّى عنه وطلبه مَنْ يُخْشَى عليه الهلاك بتَرْكِه ككسَاء في شدّة بَرْدٍ، والحُرْمَة إذا كانت تعين على معصية، والكراهة إذا كانت تعين على فِعْل مكروه، والإباحة إذا أعهان بها عنيًّا، دل على الإذْن فيها الكتاب والسنّة وإجماع الأمة، أمَّا الكتاب فقوله تعالى: "وافعلوا الخير" [الحج: 77] وأمّا السنّة فَلِمَا في الصحيحَيْن من أنّ رسول الَّه صلى الله عليه وسلم استعار فَرَسًا من أبي طلحة، واستعار من صفوان بن أمية دِرْعه يوم حنين، فقال له أغَصْبٌ يا محمد؟ قال بل عارية مضمونة. وفي أبي داود والترمذي وابن ماجه من حديث أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم