يعني أن هذا الكتاب مشتمل على ثلاثة أحكام متفرقة، وهو القراض، والشركة والمساقاة، ولذا جعل لكل حكم منها فصلاً مستقلاً. وبدأ بالقراض اهتماماً به فقال رحمه الله تعالى:
" القراض تنمية العامل المال بالتجارة على جزء من الربح يتفقان عليه " يعني القراض، وهو لغة: لأن المالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها بقطعة من الربح. قال ابن عرفة: هو تمكين مال لمن يتجر به من ربحه. وكان أهل العراق يسمون القراض مضاربة وحكم القراض الجواز؛ والمعنى أن القراض جائز إجماعاً لأجل تنمية المال بالتجارة بها من العامل على جزء من الربح الذي اتفق عليه رب المال والعامل من النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك بعد إخراج رأس المال. وله أحكام وشروط ولوازم كما يأتي. قال في الرسالة: والقراض جائز بالدنانير والدراهم وقد أرخص فيه بنقار الذهب والفضة أي إذا كانوا يتعاملون بها. والنقار بكسر النون القطع الخالص من الذهب والفضة، ومثلها التبر والحلي، فإن حكم الجميع واحد في الجواز إن تعومل بها في بلد العمل ولم يكن فيها مسكوك، وأما لم يتعامل بها، أو وجد المسكوك فلا يجوز على المعتمد، أي لا يجوز ابتداء، فإن وقع يمضي بالعمل عند ابن القاسم، وعند أصبغ يمضي مطلقاً ولا يفسخ. والحاصل أن غير المضروب من تبر ونقار وحلي لا يجوز جعله رأس مال إلا بشرطين: التعامل به في بلد العمل، وعدم وجود المسكوك، وإن وقع شيء من ذلك رأس مال مع فقد الشرطين أو أحدهما مضى بالعمل، وقيل بمجرد تمام العقد اهـ النفراوي بحذف.