قال رحمه الله تعالى: " واستخراج المياه بشرط معرفة العامل شدة الأرض وبعد الماء والله أعلم " ومما يجوز أن يكون عقده إجارة أو جعلاً استخراج المياه، جمع ماء بشرط معرفة العامل والجاعل شدة الأرض وليونتها ومعرفتهما قرب الماء وبعده عادة. قال العلامة أحمد زروق في شرحه على الرسالة: ويشترط في الجعل على حفر البئر ثلاثة: اختبار الأرض في لينها وقساوتها؛ ونص عليه في المدونة. واستواء الجاعل والمجعول في العلم بها والجهل، قال في العتبية: فلو كان أحدهما عالماً بها فقط منع، وكونها في غير أرض المجاعل لئلا ينتفع بما فعل عند العجز أو الفسخ اهـ.
واعلم أن العامل في حفر البئر يشرع في عمله، وتقدم أنه يضرب له أجل ولا يشترط فيه معرفة عدد القامة، بل لا يلزمه العمل بالشروع لما تقدم من أن العقد منحل من جهته بخلاف الجاعل بعد الشروع كما تقدم، ولا يستحق العامل الجعل إلا بعد تمام العمل كوصوله إلى الماء. قال الدردير عاطفاً من لا يستحق الأجرة إلا بتمام العمل: وحافر بئر لاستخراج الماء، أي فلا يستحق الحافر ما سماه الجاعل إلا بالتمام، أي إلا بإلحاق الماء إن كان في عمل البئر، هذا إن لم ينتفع الجاعل بما عمله العامل، فإن انتفع بما حفره فإنه يلزم الجاعل أن يدفع له بعض ما سمى بحسب العمل في ذلك والله أعلم.
ولما أنهى الكلام على الجعل وما يتعلق به من الأحكام انتقل يتكلم على القراض وأحكامه وما عطف عليه. فقال رحمه الله تعالى: