ـ يعنى الشيخ خليلا ـ فصل بين موضع الوجوب وقربه والبعيد , وأن موضع الوجوب وقربه حكمهما واحد دون البعيد. وكلام الإرشاد جعل حكم الكل واحدا اهـ. وقال المواق من المدونة: قال مالك: العمل في الصدقة أن لا تخرج عن موضع جبيت منه , كانت من عين أو حرث أو ماشية , إلا أن يفضل عنهم فضلة فتجعل في أقرب البلدان إليهم. وإن بلغه عن بعض البلدان أن سنة وحاجة نزلت بهم فينقل إليهم جل تلك الصدقة , رأيت ذلك صوابا لأن المسلمين أسوة فيما بينهم إذا نزلت الحاجة اهـ. وعقد صاحب العزية فصلا قال في أوله: وتجب نية الزكاة وتفرقتها بالموضع الذي وجبت فيه , ولا يجوز نقلها عنه إلا أن يكون موضع آخر به فقراء أشد إعداما فإنه يعطى منها في موضع الوجوب , وينقل أكثرها للأعدام اهـ.
قال رحمه الله تعالى " ولا تصرف في شيء من وجوه البر غير مصارفها " يعني أن الزكاة لا تصرف لغير الأصناف الثمانية المذكورين في الآية الكريمة. قال ابن جزي في القوانين: لا تصرف الزكاة في بناء مسجد , ولا تكفين ميت. قال مالك في المدونة: لا تجزئه أن يعطي من زكاته في كفن ميت , لأن الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سمى الله , فليست للأموات ولا لبنيان المساجد اهـ. قلت وما ذكره ابن جزي مثل نص المدونة , خلافا لما قرره الشعراني في الميزان في أول باب قسم الصدقات , فإنه قال: اتفق الأئمة الأربعة على أنه يجوز إخراج الزكاة لبناء مسجد أو تكفين ميت اهـ. والأول أصح وأشهر في الذهب انظره.
ثم قال رحمه الله تعالى: " وتبين الخطأ يوجب الإعادة إلا أن يتولاها الإمام
العادل " فتجزئ. قال الدردير , كما في خليل: أو دفعت لغير مستحق لها كعبد أو كافر أو هاشمي أو غني فلا تجزئ. فقال الصاوي: أي إلا الإمام يدفعها باجتهاد فتبين أن الآخذ غير مستحق فتجزئ حيث تعذر ردها , والوصي ومقدم القاضي كذلك , فتحصل أن ربها