ثم ذكر شروط صحة الجمعة بقوله رحمه الله تعالى: " وشروط صحتها إمام، ومسجد وخطبة، وموضع الاستيطان، وجماعة يمكنهم المثوى به من غير عدد محصور " يعني أن الجمعة لها شروط صحة ويعبر عنها بشروط الأداء كما أن لها شروط وجوب، وتقدم أن شروط وجوبها أربعة وهي الإسلام، والحرية، والذكورية، والاستيطان ببلدها أو قريبا منها بكفرسخ، وأما شروط صحتها فأربعة أيضا الإمام، والمسجد، والخطبة، وحضور الجماعة التي تنعقد بهم. وقال صاحب العزية: ولأدائها أربعة شروط الأول الإمام المقيم، فلا تصح أفذاذا، ولا بإمام مسافر، الثاني الجماعة وهي غير محدودة بعدد مخصوص، ولكن لا تجزئ منها الثلاثة ولا الأربعة وما في معنى ذلك، بل لا بد أن يكونوا عددا تتقرى بهم قرية مستغنين عن غيرهم آمنين على أنفسهم. وهذا العدد شرط في الابتداء لا في الدوام، فإن انفضوا من خلف الإمام وبقي منهم اثنا عشر لسلامه صحت وإلا فلا.
الثالث الجامع، وهو شرط لها، فلا تصح في غيره، ولا على سطحه، ولا في بيت قناديله، وتصح في صحن المسجد ورحابه والطرق المتصلة به، إلا في حق الإمام فلا تصح له إلا في المسجد ولو ضاق، فإن وقع ونزل بأن صلى الإمام على السطح أو في بيت قناديل أو في رحاب المسجد أو الطريق ولو اتصلت الصفوف به بطلت عليه وعليهم. الرابع الخطبة قبل الصلاة، ولا تصح الخطبة إلا بحضور الجماعة التي تنعقد بهم الجمعة اهـ مع إيضاح. وقد تقدم الكلام على الخطبة فراجعه إن شئت.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ولها أذانان الأول على المنارة، والآخر بين يدي الإمام إذا جلس على المنبر فإذا فرغوا أخذ في الخطبة " قال أبو محمد في الرسالة: والسنة المتقدمة أن يصعدوا حينئذ على المنار فيؤذنون، ويحرم حينئذ البيع، وكل ما يشغل عن السعي إليها، وهذا الأذان الثاني أحدثه بنو أمية اهـ. وقوله بنو أمية يعني عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أول أمراء بني أمية اهـ. قال النفراوي: قال ابن حبيب كان النبي