فيدخل ربع الميل أو ثلثه، وهما قولان مبنيان على التحديد أو التقريب. وظاهر الرسالة الأول، فلا تجب على من زاد عليه ولو قلت الزيادة، وهو رواية أشهب، ومذهب ابن القاسم أنه تقريب فتجب في الزيادة اليسيرة. ومثل من كان على كفرسخ من كان مسكنه خارجه وأخذه الوقت داخل الفرسخ إن كان مقيما، وأما إن كان مجتازا فلا يجب عليه السعي كما ذكره الجزولي وغيره. وعلى هذا فالمراعي شخصه لا مسكنه اهـ. والتحديد المذكور إنما هو في حق الخارج عن بلد الجمعة. وأما من هو فيها فتجب عليه ولو كان من المسجد على ستة أميال. وأما قوله رحمه الله: والأعمى إلخ أي تلزم الجمعة الأعمى إن كان يمكنه الإتيان إليها ولو بقائد. وقال العلامة عبد الباري في الأعذار المانعة للجمعة: ومن ذلك الأعمى الذي لا قائد له، أما لو كان له قائد، أو كان ممن يهتدي للجامع بلا قائد فلا يجوز له التخلف عنها اهـ.
ثم ذكر الأعذار التي تسقط بها الجمعة فقال رحمه الله تعالى: " وتسقط عن المريض والممرض، وبالمطر، وكثرة الوحل، وخوف ظالم أو لص، ولا خوف حبس في حق وهو معلي به، ولا بشهود العيد " قوله لا خوف حبس إلخ لقوله عليه السلام: " مطل الغنى ظلم " والظالم لا رخصة له في التخلف عنها. وقوله ولا بشهود العيد، قال في المدونة: ما قول مالك إذا اجتمع الأضحى والجمعة أو الفطر والجمعة فصلى رجل من أهل الحضر العيد مع الإمام، ثم أراد أن لا يشهد الجمعة هل يضع ذلك عند شهوده صلاة العيد ما وجب عليه من إتيان الجمعة؟ قال لا: وكان مالك يقول: لا يضع ذلك عنه ما وجب عليه من إتيان الجمعة اهـ وقال صاحب العزية: ويسقط فرض الجمعة بمرض يتعذر معه الإتيان، أو لا يقدر إلا بمشقة شديدة، وبتمريض قريب، وبخوف ظالم يؤذيه في ماله أو نفسه، أو خوف
نار أو سارق أو حبس الغرماء له وهو معسر، وبالوحل الكثير، والمطر الشديد، وأكل الثوم، والعري أي ليس عنده ما يستر به عورته اهـ.