وفي نسخة كتاب المسافر، أي في بيان قصر صلاة المسافر والأحكام المتعلقة بها، وعطف عليها خمسة أشياء من أنواع الصلاة بقوله: " والخوف والجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوف " أي اشتمل هذا الكتاب على ستة أشياء من أنواع الصلاة المطلوبة من المكلف شرعا، إما على وجه الوجوب وإما على وجه السنية. ولكل واحدة منها أحكام ستأتي في محلها إن شاء الله تعالى. وبدأ بما صدر به وهو أحكام القصر فقال: " مسافة القصر ستة عشر فرسخا " وهي مسافة أربعة برد. قال العلامة الدردير على أقرب المسالك: والبريد أربعة فراسخ.
والفرسخ ثلاثة أميال، فمسافة القصر ستة عشر فرسخا، ثمانية وأربعون ميلا، والميل ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة على الصحيح. وقيل ألفا ذراع. وهي باعتبار الزمن مرحلتان، أي سير يومين معتدلين، أو يوم وليلة بسير الإبل المثقلة بالأحمال على المعتاد من سير وحط وترحال وأكل وشرب وصلاة معتبرة اهـ. وقال العلامة محمد المراكشي في " سبيل السعادة " وليس على المسافر أن يسير كل اليوم من الفجر إلى الليل، بل إلى الزوال سيرا وسطا بسير الأقدام والإبل في البرية، وباعتدال الريح في البحر مع مراعاة الاستراحات المعتادة كالأكل والشرب والوضوء والصلاة ونحوها. ولو قطع المسافر تلك المسافة في بضع ساعات بواسطة مركب بخاري أو طيارة أو أتوموبيل - أي سيارة - قصر صلاته أيضا. ومسافة القصر تعادل ثمانية وثمانين كيلو مترا اهـ. وفي الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف، وفي مثل ما بين مكة وعسفان، وفي مثل ما بين مكة وجدة. قال مالك وذلك أربعة برد، وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة.