وهذه الروايات كلها منقولة من الجامع الصغير بأسانيد مذكورة هناك. قال العلامة المناوي في فيض القدير في معنى الأحاديث المتقدمة: أي ينبغي كون السيد كذلك لما وجب عليه من الإقامة بمصالحهم ورعاية أحوالهم، أو معناه أن من يخدمهم وإن كان أدناهم ظاهرًا فهو في الحقيقة سيدهم لحيازته للثواب. قلت: وعلى كل حال أن من قام بخدمة الإخوان حاز فضلاً وفاز بالثواب، فينبغي للعاقل أن يغتنم ذلك كما فعل بعض الصالحين. قال الغزالي حكاية عن بعضهم: صحب المروزي أبا علي الرباطي فقال أبو علي: أنت الأمير أم أنا؟ قال: أنت، فلم يزل يحمل الزاد على ظهره وأمطرت السماء فقام طول الليل على رأس رفيقه بكساء فكلما قال له: لا تفعل يقول: ألم تسلم الإمارة لي فلم تحكم علي؟! قال: فوددت أني مت ولم أؤمره اهـ. وأنشد في ذلك العلامة البيهقي، رضي الله عنه، فقال:
إذا اجتمع الإخوان كان أذلهم ... لإخوانه نفسًا أبر وأفضلا
وما الفضل في أن يؤثر المرء نفسه ... ولكن فضل المرء أن يتفضلا
نقله المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير، وتقدم لنا الكلام في شيء من مواساة الإخوان وخدمتهم في الإرفاق فراجعه إن شئت.
ثم قال رحمه الله تعالى: (ويحرم اللعب بالنرد والشطرنج وجميع آلة القمار)، يعني يحرم على المكلف اللعب بالنرد وهو معروف وكذا بالشطرنج، ومثلهما جميع آلة اللعب التي بها مغالبة بأخذ النقود وغيرها كالقمار، وهي مما حرمه الله تعالى في كتابه العزيز، وهي من أكل أموال الناس بالباطل، وتقدم لنا في البيوع أنه من المنهي عنه بيع الملاهي وما لا يجوز بيعه شرعًا من آلات القمار وغيرها من الملهيات، فراجع قول المصنف وآلات القمار وما عطف عليه في البيوع، وقد جلبنا هناك نصوص المذهب في هذه المسألة لكنا ذكرنا هناك تحريم بيعها وهنا نذكر تحريم الاستعمال بها. قال شارح العزية العلامة