الإسلام والرد منه واجب أوكد من السنة، هذا في الرجال. وأما النساء فلا يسن السلام عليهن خشية الفتنة بالمكالمة بهن، وإن ابتدأن عليك بالسلام فهل يكره الرد أو يندب. الظاهر الندب إن لم يخف منهن الافتتان وإلا حرم عليك الرد، وإليه أشار بعضهم بقوله: أما النساء فيكره على الرجل أن يسلم عليهن. وفي الموطأ: سئل مالك: هل يسلم على المرأة؟ فقال: أما المتجالة فلا أكره، وأما الشابة فلا أحب ذلك. هذا معنى قول المصنف: ولا بأس به أي بالسلام على القواعد أي اللاتي قعدن عن الولادة والحيض والزوج لكبرهن.
قال الباجي في شرح الموطأ: ومعنى ذلك والله أعلم أن المتجالة: الهرمة لا فتنة في كلامها ولا يتسبب به إلى محظور، بخلاف الشابة فإن في مكالمتها فتنة ويتسبب به على المحظور، والسلام عليها يقتضي ردها وذلك من باب المكالمة، وأصل هذا أن السلام شعار الإسلام شرع إفشاؤه عند لقاء كل مسلم ممن عرفت وممن لم تعرف إلا أن يمنع منه ما يخاف من الفتنة والتعريض للفسوق كما منع من الرؤية بمثل ذلك وأمر بالحجاب اهـ. وإذا سلم واحد من الجماعة أجزأ عنهم وكذلك إذا رد واحد منهم. ويسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد، ولا يسلم على أهل الأهواء كالمعتزلة ولا على أهل اللهو حال تلبسهم به، ولا تبدأ أهل الذمة بالسلام وإذا بدؤوكم فرد عليهم بغير واو. وفي الموطأ عن عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام، فقل: عليك))، وفي الحديث أيضًا: ((لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالكف))، ويكره تقبيل اليد في السلام إلا لمن ترجى بركته. وصفة السلام المشروع أن يقول: السلام عليكم
بالألف واللام، أو يقول: سلام عليكم بالتنكير، ويقول الراد: وعليكم السلام بالواو والمعرفة أو كما قيل له، ولا بد من الإتيان بميم الجمع ولو كان المسلم عليه واحدًا؛ لأن معه جمعًا من الملائكة. اهـ أبو الحسن بتوضيح. وفي القوانين: والابتداء به سنة على الكفاية ورده واجب على