إشْكَالٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِيمَا إذَا بَاعَا عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْأَظْهَرَ الْبُطْلَانُ انْتَهَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ تَابِعٌ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَقَرُّهُ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ مَعَ أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ فِي الْجُمْلَةِ (وَ) إذَا امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا مَعَهُمْ فَبَاعُوا مَا فِيهَا ثَبَتَ (لِلْمُشْتَرِي) مِنْهُمْ (الْخِيَارَانِ جَهِلَ) حَالَ مَا اشْتَرَاهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى الْأَرْضَ مِنْ رَجُلٍ وَالْغِرَاسَ مِنْ آخَرَ) وَغَرَسَهُ فِيهَا (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْبَائِعَيْنِ (الرُّجُوعُ) فِيمَا بَاعَهُ فَإِنْ رَجَعَا وَأَرَادَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ الْقَلْعَ مُكِّنَ مِنْهُ وَكَذَا إنْ أَرَادَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَضَمِنَ أَرْشَ النَّقْصِ (فَإِنْ قَلَعَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ فَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ) حَفْرِ (الْأَرْضِ، وَأَرْشُ نَقْصِهَا) إنْ نَقَصَتْ (أَوْ) قَلَعَ (صَاحِبُ الْأَرْضِ ضَمِنَ أَرْشَ) نَقْصِ (الْغِرَاسِ) إنْ نَقَصَ (فَإِنْ أَرَادَ الْقَلْعَ مَجَّانًا فَهَلْ يُجَابُ) إلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْغِرَاسِ بَاعَهُ مُنْفَرِدًا فَيَأْخُذُهُ كَذَلِكَ أَوْ لَا يُجَابُ؛ لِأَنَّهُ غَرْسٌ مُحْتَرَمٌ كَغَرْسِ الْمُفْلِسِ فِيهِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِي، وَبِهِ جَزَمَ الشَّاشِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي صَاحِبِ الْغِرَاسِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ مَالِكٌ لِلْغِرَاسِ فَلَهُ قَلْعُهُ، وَإِنْ قَالَ: اقْلَعْهُ مَجَّانًا فَإِذَا قَلَعَهُ ضَمِنَ الْأَرْشَ إنْ حَصَلَ نَقْصٌ بِخِلَافِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْقَلْعِ إذَا قَالَ: أَقْلَعُ مَجَّانًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْغِرَاسِ مِنْ قَلْعِهِ وَبَذَلَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَتَهُ قَائِمًا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْغِرَاسِ إقْرَارُهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ قَلْعِهِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ وَلَوْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ بَذْلِ الْقِيمَةِ، وَصَاحِبُ الْغِرَاسِ مِنْ الْقَلْعِ فَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِإِقْرَارِهِ كَانَ مُقِرًّا لَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ مَا بَقِيَ فِي أَرْضِهِ
(فَصْلٌ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ (الرُّجُوعُ فِي) قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ (مِثْلِيٍّ) كَزَيْتٍ خُلِطَ (بِمِثْلِهِ وَبِأَرْدَأَ مِنْهُ) أَيْ بِهِمَا مَعًا أَوْ بِأَحَدِهِمَا لِبَقَائِهِ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ بِغَيْرِ تَعَلُّقِ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ وَيَكُونُ فِي صُورَةِ الْأَرْدَأِ مُسَامَحًا بِعَيْبِهِ كَعَيْبِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ (لَا) إنْ خُلِطَ بِشَيْءٍ (أَجْوَدَ) مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِهِ مَعَ تَضَرُّرِ الْمُفْلِسِ فَتَتَعَيَّنُ الْمُضَارَبَةُ بِالثَّمَنِ نَعَمْ إذَا قَلَّ الْأَجْوَدُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ بِهِ زِيَادَةٌ فِي الْحِسِّ وَيَقَعُ مِثْلُهُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ قَالَ الْإِمَامُ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا) رُجُوعَ لَهُ (فِي) مَا خُلِطَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِثْلُ (زَيْتٍ خُلِطَ بِشَيْرَجٍ) لِعَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ لِانْتِفَاءِ التَّمَاثُلِ فَهُوَ كَالتَّالِفِ (وَلَهُ الْإِجْبَارُ عَلَى قِسْمَةِ مَا رَجَعَ فِيهِ) مَعَ مَا خُلِطَ بِهِ كَالْمُشْتَرَكِ الْمِثْلِيِّ (لَا عَلَى بَيْعِهِ) كَمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْبَيْعِ
(فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ أَوْ خَاطَهُ بِخُيُوطٍ مِنْهُ) أَوْ بِخُيُوطٍ اشْتَرَاهَا مَعَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ) فِيمَا بَاعَهُ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) مَعَهُ (إنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَتُهُ بِالطَّحْنِ أَوْ الْقَصْرِ أَوْ الْخِيَاطَةِ عَنْ قِيمَتِهِ قَبْلَهُ كَمَا فِي رُجُوعِهِ فِيمَا خُلِطَ بِالْأَرْدَأِ (أَوْ سَاوَتْ) هَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَوْجُودٌ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ (وَإِنْ زَادَتْ) عَلَيْهَا (فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالزِّيَادَةِ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ بِفِعْلٍ مُحْتَرَمٍ مُتَقَوِّمٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَيُفَارِقُ سِمَنَ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ وَكِبَرِ الْوَدِيِّ بِالسَّقْيِ بِأَنَّ الْقَصَّارَ مَثَلًا إذَا قَصَّرَ صَارَ الثَّوْبُ مَقْصُورًا، وَالْعَلَفُ وَالسَّقْيُ يُوجَدَانِ كَثِيرًا، وَلَا يَحْصُلُ السِّمَنُ وَالْكِبَرُ فَكَانَ الْأَثَرُ فِيهِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إلَى فِعْلِهِ بَلْ هُوَ مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِئْجَارُ لِتَسْمِينِ الدَّابَّةِ وَتَكْبِيرِ الْوَدِيِّ بِخِلَافِهِ لِلْقِصَارَةِ وَنَحْوِهَا (وَكَذَا) يَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ (لَوْ اشْتَرَى دَقِيقًا فَخَبَزَهُ أَوْ لَحْمًا فَشَوَاهُ أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا أَوْ أَرْضًا فَضَرَبَ مِنْ تُرَابِهَا لَبِنًا أَوْ عَرْصَةً وَآلَاتِ الْبِنَاءِ فَبَنَى بِهَا دَارًا أَوْ عَلَّمَ الْعَبْدَ الْقُرْآنَ وَالْحِرْفَةَ) كَكِتَابَةٍ وَشَعْرٍ مُبَاحٍ وَرِيَاضَةِ دَابَّةٍ (وَالضَّابِطُ) لِذَلِكَ (أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا، وَيَظْهَرُ لَهَا أَثَرٌ تُعَدُّ عَيْنًا لَا أَثَرًا فَلَا أَثَرَ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِهَا) فِي مُشَارَكَةِ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُمَا لَا يَظْهَرُ لَهُمَا أَثَرٌ فِيهَا وَإِذَا عُدَّا لِأَثَرِ الْمَذْكُورِ عَيْنًا (فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ غَيْرَ مَقْصُورٍ خَمْسَةً وَمَقْصُورًا سِتَّةً رَجَعَ) الْمُفْلِسُ (بِسُدُسِ الثَّمَنِ فَإِنْ ارْتَفَعَ السُّوقُ بِقِيمَةِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالْقِصَارَةِ (اخْتَصَّ) الْأَخذ (بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِهِمَا) أَيْ بِقِيمَتِهِمَا (فَبِالنِّسْبَةِ) تَكُونُ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا يَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي أَيْضًا وَلَوْ قَالَ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ أَوْ انْخَفَضَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا بِالسُّوقِ اُخْتُصَّ بِالزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ أَوْ قِيمَتِهِمَا فَبِالنِّسْبَةِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِكَلَامِ الْأَصْلِ (وَلِلْأَجِيرِ عَلَى الْقِصَارَةِ وَنَحْوِهَا حَقُّ الْحَبْسِ) لِلثَّوْبِ الْمَقْصُورِ وَنَحْوِهِ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ (لِيَسْتَوْفِيَ
قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِي صُورَةِ الْأَرْدَأِ مُسَامِحًا بِعَيْنِهِ إلَخْ) هَذَا إذَا خَلَطَهُ الْمُشْتَرِي فَلَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَارَبَ الْبَائِعَ بِنَقْصِ الْخَلْطِ كَمَا فِي الْعَيْبِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَاقَضَ الْإِسْنَوِيُّ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ: فِي بَابِ الْغَصْبِ وَالْخَلْطِ هَلَاكٌ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّا إذَا لَمْ تَثْبُتْ الشَّرِكَةُ هُنَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْبَائِعِ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْمُضَارَبَةِ وَفِي الْغَصْبِ يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ الْبَدَلِ