وَمِنْ الْقَفَا وَ) مِنْ (الصَّفْحَةِ) أَيْ الصَّفْحَةِ الْعُنُقِ (وَ) مِنْ (إدْخَالِ السِّكِّينِ فِي الْأُذُنِ) لِزِيَادَةِ الْإِيلَامِ (فَإِنْ وَصَلَ الْمَذْبَحَ) فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَالْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةٌ فَقَطَعَ) هـ (حَلَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ جِلْدَتَهُمَا) أَيْ الْحُلْقُومِ الْمَرِيءِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ الْحَيَوَانِ، ثُمَّ ذَبَحَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْمَذْبَحَ أَوْ وَصَلَهُ، وَالْحَيَاةُ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ فَقَطَعَهُ لَمْ يَحِلَّ (وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي قَطْعِهِمَا) جَمِيعِهِمَا أَوْ مَجْمُوعِهِمَا بِأَنْ انْتَهَى بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لِمَا نَالَهُ بِسَبَبِ قَطْعِ الْقَفَا وَالصَّفْحَةِ وَإِدْخَالِ السِّكِّينِ فِي الْأُذُنِ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِقَطْعِ الْمَذْبَحِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ مَنْ (تَأَنَّى فِي الذَّبْحِ فَلَمْ يُتِمَّهُ حَتَّى ذَهَبَ اسْتِقْرَارُهَا) أَيْ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي التَّأَنِّي بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، وَلَوْ لَمْ نُحَلِّلْهُ أَدَّى إلَى حَرَجٍ.
(وَإِنْ ذَبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (وَأَخْرَجَ آخِرَ حِشْوَتِهَا) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا أَيْ أَمْعَاءَهَا أَوْ نَخَسَ خَاصِرَتَهَا (مَعًا لَمْ يَحِلَّ) ؛ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ لَمْ يَتَمَحَّضْ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ قَالَ فِي الْأَصْلِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا قَطَعَ بِهِ الْحُلْقُومَ مِمَّا يُذَفِّفُ لَوْ انْفَرَدَ، أَوْ كَأَنْ يُعِينَ عَلَى التَّذْفِيفِ ر وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ الْمُشَارِكُ غَيْرَ مُذَفِّفٍ لَوْ انْفَرَدَ وَتَوَقَّفَ الرَّافِعِيُّ وَمَالَ إلَى الْحِلِّ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ جَرَحَا آدَمِيًّا وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ حَيْثُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْآخَرِ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا لَكِنْ فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الدَّمِ وَالتَّحْرِيمُ يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَابِ التَّحْرِيمُ، وَلَوْ اقْتَرَنَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ بِقَطْعِ رَقَبَةِ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهَا بِأَنْ أَجْرَى سِكِّينًا مِنْ الْقَفَا وَسِكِّينًا مِنْ الْحُلْقُومِ حَتَّى الْتَقَتَا فَهِيَ مَيْتَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ إنَّمَا حَصَلَ بِذَبْحَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ تَمَحَّضَ الْقَطْعِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ مَسْمُومٍ بِسُمٍّ مُوحٍ حَرُمَ، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَالْحُلْقُومُ مَجْرَى النَّفَسِ) خُرُوجًا وَدُخُولًا (وَالْمَرِيءُ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ (مَجْرَى الطَّعَامِ) وَالشَّرَابِ (وَالْوَدَجَانِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (عِرْقَانِ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَيْ وَرَاءَهُمَا فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ مُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ (يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُمَا) مَعَ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ أَوْحَى وَأَرْوَحُ لِلذَّبِيحَةِ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُمَا مَا يَنْقَطِعَانِ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ قَطْعُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُسَلَّانِ مِنْ الْحَيَوَانِ فَيَبْقَى وَمَا هَذَا شَأْنُهُ لَا يُشْتَرَطُ قَطْعُهُ كَسَائِرِ الْعُرُوقِ (فَإِنْ جُرِحَ الْحَيَوَانُ أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ سَيْفٌ) أَوْ نَحْوُهُ وَفِي نُسْخَةٍ سَقْفٌ (وَبَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَلَوْ) عُرِفَتْ (بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ) أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ (فَذَبَحَهُ حَلَّ) ، وَإِنْ تَيَقَّنَ هَلَاكَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ (فَلَا) يَحِلُّ لِوُجُودِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ مِمَّا ذُكِرَ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ وَمَا صِدْت بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ» وَقَوْلُهُ، وَلَوْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ بِجَرْحٍ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَفِيهِ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ، ثُمَّ ذُبِحَ لَمْ يَحِلَّ، وَالْمُرَادُ بِهِ إنَّمَا هُوَ مَعْرِفَةُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ حَالَةَ الذَّبْحِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ مَعَ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ كَأَصْلِهِ كَانَ حَسَنًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ عِنْدَ الذَّبْحِ تَارَةً تَتَيَقَّنُ وَتَارَةً تُظَنُّ بِعَلَامَاتٍ وَقَرَائِنَ فَمِنْهَا الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَانْفِجَارُ الدَّمِ وَتَدَفُّقُهُ (وَلَوْ شَكَكْنَا فِي اسْتِقْرَارِهَا حَرُمَ) لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ وَتَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (فَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ) مِمَّا ذُكِرَ (بَلْ مَرِضَ) ، وَلَوْ بِأَكْلِهِ نَبَاتًا مُضِرًّا (أَوْجَاعَ فَذَبَحَهُ) وَقَدْ صَارَ (آخِرَ رَمَقٍ حَلَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ قَتْلًا وَمَسْأَلَةُ الْجُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَصْلٌ) فِي سُنَنِ الذَّبْحِ (يُسَنُّ تَحْدِيدِ الشَّفْرَةِ) بِفَتْحِ الشِّينِ أَيْ السِّكِّينِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» وَأَفْهَمَ سَنُّ تَحْدِيدِهَا أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ كَالٍّ حَلَّ وَمَحِلُّهُ أَنْ لَا يَكُونَ كَلَالُهَا غَيْرَ قَاطِعٍ إلَّا بِشِدَّةِ اعْتِمَادِ وَقُوَّةِ الذَّابِحِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّهُ يُذَفِّفُ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ مَحْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ (وَ) يُسَنُّ (الذَّبْحُ بِقُوَّةٍ) بِأَنْ يُمِرَّ السِّكِّينَ بِتَحَامُلٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا لِيَكُونَ أَوْحَى وَأَسْهَلَ (وَكَذَا) يُسَنُّ (الِاسْتِقْبَالُ) أَيْ اسْتِقْبَالُ الذَّابِحِ الْقِبْلَةَ (وَ) الِاسْتِقْبَالُ (بِمَذْبَحِهَا) إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَلَا يُوَجِّهُ وَجْهَهَا إلَيْهَا لِيَتَمَكَّنَ هُوَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ (وَالِاسْتِقْبَالُ) الْمَذْكُورُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (وَالْهَدْيِ آكَدُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي الْعِبَادَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَفِي بَعْضِهَا وَاجِبٌ، وَكَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ فِي ذَلِكَ الْعَقِيقَةُ، وَلَعَلَّهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ بِشِدَّةٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ مَمْنُوعٌ، وَكَذَا مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الْحِلِّ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْحَرَكَةَ الشَّدِيدَةَ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِأَكْلِهِ نَبَاتًا مُضِرًّا) لَوْ انْتَهَى الْحَيَوَانُ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ بِأَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ فَذَكَرَ الْقَاضِي مَرَّةً فِيهَا وَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ مَرَّةً بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ كَذَا نَقَلَاهُ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَلَوْ أَكَلَتْ بَهِيمَةٌ نَبَاتًا مُضِرًّا وَصَارَتْ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ فَذُبِحَتْ حَرُمَتْ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ قُرْحَةٌ أَوْ أَكَلَهُ فِيهَا وَصَيَّرَهَا إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَذُبِحَتْ قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ هُنَا لَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ بِأَكْلِ نَبَاتٍ حَلَّ إذْ كَلَامُهُ مَفْرُوضٌ فِي بَهِيمَةٍ وَصَلَتْ لِذَلِكَ بِمَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ أَكْلَ النَّبَاتِ فَالْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمَرَضُ، وَلَيْسَ بِمَانِعٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ فِيمَنْ وَصَلَتْ لِأَدْنَى الرَّمَقِ بِأَكْلِ النَّبَاتِ الْمُضِرِّ فَلَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ