كَمَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ كَالْقِصَاصِ، وَالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَمُخْتَصَرُهُ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَلَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (تَعْزِيرُ مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ) لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَا يُعَزِّرُهُ قَبْلَ مُطَالَبَتِهِ الْمُسْتَحِقَّ لَهُ (لَا) تَعْزِيرُ مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ (الْحَدِّ) ؛ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَتَعَلَّقُ أَصْلُهُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَجَازَ أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ إسْقَاطُ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَدِّ

[كتاب ضمان المتلفات وفيه ثلاثة أبواب]

(كِتَابُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ) (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِ الْوِلَادَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي مُوجِبِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُعَزَّرُ (بِتَعْزِيرٍ) مِنْ الْإِمَامِ (ضَمِنَهُ الْإِمَامُ) وَلَوْ عَزَّرَهُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ لِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ إذْ الْمَقْصُودُ التَّأْدِيبُ لَا الْهَلَاكُ، فَإِذَا حَصَلَ الْهَلَاكُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوطَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ مَاتَ بِتَعْزِيرِ الْإِمَامِ ضَمِنَهُ (ضَمَانَ شِبْهِ الْعَمْدِ وَكَذَا) يَضْمَنُ كَذَلِكَ (زَوْجٌ وَمُعَلِّمٌ) وَأَبٍ وَأُمٌّ وَنَحْوُهَا بِتَعْزِيرِهِمْ لِلزَّوْجَةِ، وَالصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ أَذِنَ الْأَبُ) فِيهِ لِلْمُعَلِّمِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمُ ضَمَانِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلدَّابَّةِ، وَالرَّائِضِ لَهَا بِمَوْتِهَا بِالضَّرْبِ الْمُعْتَادِ بِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَغْنِيَانِ عَنْ ضَرْبِهَا بِخِلَافِ الْمُعَزِّرِ قَدْ يَسْتَغْنِي عَنْ الضَّرْبِ بِغَيْرِهِ (لَا) إنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَمَاتَ بِضَرْبِ غَيْرِهِ لَهُ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فَلَا يَضْمَنُ كَقَتْلِهِ بِإِذْنِهِ وَكَذَا لَوْ عَزَّرَ الْوَالِي مَنْ اعْتَرَفَ بِمَا يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ وَطَلَبَهُ بِنَفْسِهِ لِإِذْنِهِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ أَسْرَفَ) الْمُعَزِّرُ (وَظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ الْقَتْلِ) بِأَنْ ضَرَبَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (فَالْقِصَاصُ) يَلْزَمُهُ (وَإِنْ مَاتَ) الْمَحْدُودُ (بِحَدٍّ مُقَدَّرٍ فَلَا ضَمَانَ) وَلَوْ حُدَّ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مُقَدَّرٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَكُونُ إلَّا مُقَدَّرًا (فَإِنْ جَاوَزَ) الْمُقَدَّرَ فَمَاتَ (ضَمِنَ بِالْقِسْطِ) مِنْ الْعَدَدِ (فَإِنْ جَلَدَ فِي الشُّرْبِ ثَمَانِينَ) فَمَاتَ (لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ (أَوْ سِتِّينَ فَثُلُثُهَا أَوْ وَاحِدَةٌ وَأَرْبَعِينَ فَجُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ) جُزْءًا أَوْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَجُزْءَانِ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا أَوْ إحْدَى وَثَمَانِينَ فَأَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ

(وَكَذَا لَوْ زَادَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ فَجَلَدَ إحْدَى وَثَمَانِينَ) فَمَاتَ (لَزِمَهُ جُزْءٌ مِنْهَا) أَوْ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ فَجُزْءَانِ مِنْهَا (وَإِنْ أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِالزِّيَادَةِ) عَلَى الْمُقَدَّرِ وَجَهِلَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (أَوْ قَالَ) لَهُ (اضْرِبْ وَأَنَا أَعُدُّ فَغَلِطَ) فِي عَدِّهِ (فَزَادَ ضَمِنَ الْإِمَامُ) نَعَمْ لَوْ أَمَرَهُ بِثَمَانِينَ فِي الشُّرْبِ فَزَادَ وَاحِدَةً وَمَاتَ الْمَجْلُودُ وُزِّعَتْ الدِّيَةُ إحْدَى وَثَمَانِينَ جُزْءًا يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ وَيَجِبُ أَرْبَعُونَ عَلَى الْإِمَامِ وَجُزْءٌ عَلَى الْجَلَّادِ

(فَصْلٌ) (يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَقِلِّ) بِنَفْسِهِ (رُكُوبُ) أَيْ ارْتِكَابُ (الْخَطَرِ فِي قَطْعِ غُدَّةٍ) مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ (تَشِينُ) بِلَا خَوْفٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ فَلَهُ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مُكَاتَبًا بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ قَطْعُهَا لِإِزَالَةِ الشَّيْنِ، وَالْغُدَّةُ مَا يَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ، وَاللَّحْمِ نَحْوُ الْحِمَّصَةِ إلَى الْجَوْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا (فَإِنْ خِيفَتْ) أَيْ خِيفَ مِنْهَا (وَزَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) لَهَا عَلَى خَطَرِ قَطْعِهَا (جَازَ) لَهُ (الْقَطْعُ) لَهَا لِزِيَادَةِ رَجَاءِ السَّلَامَةِ مَعَ إزَالَةِ الشَّيْنِ بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: إنْ لَمْ يُقْطَعْ حَصَلَ أَمْرٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَجَبَ الْقَطْعُ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الْمُهْلِكَاتِ وَيَحْتَمِلُ الِاسْتِحْبَابَ انْتَهَى وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ الْآتِيَةِ (وَكَذَا) يَجُوزُ قَطْعُهَا (لَوْ تَسَاوَيَا) أَيْ الْخَطَرَانِ لِتَوَقُّعِ السَّلَامَةِ مَعَ إزَالَةِ الشَّيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ خَطَرُ قَطْعِهَا (فَلَا) يَجُوزُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ النَّفْسِ (وَمِثْلُهَا) فِيمَا ذُكِرَ (الْعُضْوُ الْمُتَآكِلُ، فَإِنْ قَطَعَهُمَا) مِنْهُ (أَجْنَبِيٌّ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (فَمَاتَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَكَذَا الْإِمَامُ) يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ بِقَطْعِهِمَا كَذَلِكَ لِتَعَدِّي كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ (وَلِلْأَبِ، وَالْجَدِّ) وَإِنْ عَلَا (قَطْعُهُمَا لِلصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ) مَعَ الْخَطَرِ فِيهِ (إنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَلِيَانِ صَوْنَ مَالِهِمَا عَنْ الضَّيَاعِ فَبَدَنُهُمَا أَوْلَى (فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ الْخَطَرَانِ أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (ضَمِنَا) لِعَدَمِ جَوَازِ الْقَطْعِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُسْتَقِلِّ فِي صُورَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَسْت تَعْدِلُ فَقَالَ خِبْت وَخَسِرْت إنْ لَمْ أَعْدِلْ فَمَنْ يَعْدِلُ وَالْأَعْرَابِيُّ الَّذِي جَبَذَهُ وَقَالَ احْمِلْنِي، فَإِنَّك لَا تَحْمِلُنِي عَلَى بَعِيرِك وَلَا بَعِيرِ أَبِيك» وَلِأَنَّهُ ضَرَبَ غَيْرَ مُحَدَّدٍ فَلَمْ يَجِبْ كَضَرْبِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ كَالْقِصَاصِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالصَّيْدَلَانِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَعْزِيرُ مَنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ) لَا يُعَزَّرُ الْأَصْلُ بِحَقِّ الْفَرْعِ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْإِمَامِ مِنْ ذَلِكَ

[كِتَابُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَاب]

[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِ الْوِلَادَةِ]

(كِتَابُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ) (قَوْلُهُ، فَإِنْ مَاتَ بِتَعْزِيرٍ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَاتَ بِتَعْزِيرٍ مَا إذَا مَاتَ بِغَيْرِهِ كَمَا إذَا عَزَّرَهُ بِالْحَبْسِ وَالتَّوْبِيخِ وَالنَّفْيِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا كَانَ التَّعْزِيرُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مَوْجُودَةٍ كَمَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ مَعَ إمْكَانِهِ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ كَمَا أَنَّ الْقَتْلَ إذَا أَدَّى إلَيْهِ الْمُقَاتَلَةُ الْجَائِزَةُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَا عَلَى التَّعْزِيرِ لِمَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ لِأَجْلِ الِاسْتِصْلَاحِ ع وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا تَعَيَّنَ الضَّرْبُ طَرِيقًا فِي الْخَلَاصِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ دَفْعَ الصَّائِلِ غ قَالَ شَيْخُنَا ل تَقَدَّمَ ذَلِكَ بِخَطِّ الْوَالِدِ

[فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَقِلِّ بِنَفْسِهِ ارْتِكَابُ الْخَطَرِ فِي قَطْعِ غُدَّة مِنْهُ]

(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَقِلِّ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا أَوْ رَقِيقًا كَسْبُهُ لَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ بِالْمُسْتَقِلِّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ وَلَوْ مَعَ السَّفَهِ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ إذَا جَعَلْنَا كَسْبَهُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ أَوْ الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ لِمَالِكِهِ فَلَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ قَالَ وَإِنْ شِئْت قُلْت هُوَ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ الَّذِي كَسْبُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مُكَاتَبًا) أَيْ أَوْ مُوصًى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَطْعُ كَمَا يَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015