فَعَلَى أُمِّهِ إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ (وَيَحْضُنُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ) كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْتِقَاطُهُ؛
وَلِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ
(وَيُنْزَعُ مِنْ) الْأَقَارِبِ (الذِّمِّيِّينَ وَلَدٌ) ذِمِّيٌّ (وَصَفَ الْإِسْلَامَ) وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ كَفَالَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الْكَلِمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا، وَفِي بَابِ الْهُدْنَةِ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ النَّزْعِ لَكِنْ مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ نَدْبُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْمُخْتَارُ وَظَاهِرُ النَّصِّ وُجُوبُهُ.
(وَ) ثَانِيهَا (أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةً فَتَسْقُطُ) حَضَانَتُهَا (بِالْجُنُونِ) ، وَلَوْ مُتَقَطِّعًا؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَتْ الْمَجْنُونَةُ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا الْحِفْظُ، وَالتَّعَهُّدُ بَلْ هِيَ فِي نَفْسِهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى مَنْ يَحْضُنُهَا (لَا) بِجُنُونٍ يَقَعُ (نَادِرًا قَصِيرًا) زَمَنُهُ (كَيَوْمٍ فِي سَنَتَيْنِ) فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِهِ كَمَرَضٍ يَطْرَأُ وَيَزُولُ (وَكَذَا) تَسْقُطُ (بِالْمَرَضِ الدَّائِمِ) كَالسُّلِّ، وَالْفَالِجِ (إنْ عَاقَ) أَلَمُهُ (عَنْ نَظَرِ الْمَخْدُومِ بِالْحَضَانَةِ) وَهُوَ الْمَحْضُونُ بِأَنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَشْغَلُهَا أَلَمُهُ عَنْ كَفَالَتِهِ وَتَدْبِيرِ أَمْرِهِ (أَوْ عَنْ حَرَكَةِ مَنْ يُبَاشِرُهَا) أَيْ الْحَضَانَةُ فَتَسْقُطُ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأُمُورَ بِنَظَرِهِ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ.
(وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ تَكُونَ حُرَّةً فَلَا حَقَّ) فِي الْحَضَانَةِ (لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) ، وَلَوْ مُبَعَّضًا (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ إذْنُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ فَيُشَوِّشُ أَمْرَ الْوَلَدِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ لِكَافِرٍ فَإِنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَحَضَانَتُهُ لَهَا مَا لَمْ تَنْكِحْ كَمَا حَكَاهُ الْأَصْلُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمَعْنَى فِيهِ فَرَاغُهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهَا (وَلِلرَّجُلِ حَضَانَةُ رَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ، وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ الْحُرَّيْنِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ) وَتَسْلِيمُهُ إلَى غَيْرِهِمَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَشْتَرِكُ سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَضَانَةِ (فِي حَضَانَتِهِ) بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ أَوْ عَلَى اسْتِئْجَارِ حَاضِنَةٍ أَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ فَذَاكَ (وَإِنْ تَمَانَعَا اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَحْضُنُهُ وَأَلْزَمَهُمَا الْأُجْرَةَ) .
(وَ) رَابِعُهَا (أَنْ تَكُونَ أَمِينَةً لَا فَاسِقَةً) ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي، وَلَا يُؤْتَمَنُ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْضُونَ لَا حَظَّ لَهُ فِي حَضَانَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهَا، وَكَالْفَاسِقَةِ السَّفِيهَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْمُغَفَّلَةُ وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَشُهُودِ النِّكَاحِ نَعَمْ إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: وَبِهِ أَفْتَيْت فِيمَا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْوَلَدِ فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدَهُ فَلَا يُنْزَعُ مِمَّنْ تَسَلَّمَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأَهْلِيَّةِ. اهـ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ.
(وَ) خَامِسُهَا (أَنْ تَخْلُوَ مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ) فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِهِ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا أَوْ رَضِيَ بِدُخُولِ الْوَلَدِ دَارِهِ لِخَبَرِ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» ؛ وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهُ بِحَقِّ الزَّوْجِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِأَنَّ عَلَى الْوَلَدِ وَعَصَبَتِهِ عَارًا فِي مَقَامِهِ مَعَ زَوْجِ أُمِّهِ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْأَبُ مَعَهُ بِذَلِكَ بَقِيَ حَقُّهَا وَسَقَطَ حَقُّ الْجَدَّةِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ بِالْحَضَانَةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَنَكَحَتْ فِي أَثْنَائِهَا؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ لَازِمَةٌ لَكِنْ لَيْسَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي هَذِهِ بِالْقَرَابَةِ بَلْ بِالْإِجَارَةِ (لَا) مِنْ زَوْجٍ (قَرِيبٍ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ) فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ (وَلَوْ بَعُدَ كَابْنِ عَمِّ الطِّفْلِ) وَعَمِّ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِيهَا وَشَفَقَتُهُ تَحْمِلُهُ عَلَى رِعَايَتِهِ فَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى كَفَالَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ الْأَبِ وَلِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبِنْتِ حَمْزَةَ لِخَالَتِهَا لَمَّا قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ إنَّهَا بِنْتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي (وَهَذَا إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ) الَّذِي نَكَحَهَا بِحَضَانَتِهَا، وَإِلَّا فَتَسْقُطُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَخَرَجَ بِمَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا كَالْجَدِّ أَبِي الْأُمِّ، وَالْخَالِ فَتَسْقُطُ
قَوْلُهُ: وَيَحْضُنُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ) الْفَرْقُ بَيْنَ حَضَانَتِهِ وَعَدَمِ تَزْوِيجِهِ قَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ أَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ طَلَبُ الْكُفْءِ وَنَفْيُ وُجُودِ الْعَارِ وَكُفْرُهَا قَاطِعٌ لِذَلِكَ وَهُنَا الْمَقْصُودُ بِهِ الشَّفَقَةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ.
(قَوْله كَيَوْمٍ فِي سَنَتَيْنِ) وَعِبَارَةُ الصَّغِيرِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَحْسَنُ. اهـ. بَلْ هِيَ الْوَجْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الصَّوَابُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَحْضُونُ مُمَيِّزًا فَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ أَيْ فَتَسْقُطُ حَضَانَتُهُ مُدَّةَ جُنُونِهِ، وَإِنْ قُلْت إنَّ (قَوْلَهُ دُونَ مَنْ يُدِيرُ الْأُمُورَ بِنَظَرٍ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي الْحَضَانَةِ أَنْ تَسْتَنِيبَ عَنْهَا مَنْ يَقُومُ بِأُمُورِ وَلَدِهَا وَمِنْ ذَلِكَ اسْتَنْبَطَ الْبَارِزِيُّ أَنَّ لِلْعَمْيَاءِ الْحَضَانَةَ قَالَ: لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ قَائِمًا بِمَصَالِحِ الْمَحْضُونِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ تَثْبُتُ لَهُ الْحَضَانَةُ عَلَى بِنْتِ عَمِّهِ الَّتِي تُشْتَهَى، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهَا لِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَلَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِهِ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ الْحُرَّيْنِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ) فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُهُ مِنْهُمَا قَبْلَهُ
(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ) كَشُهُودِ النِّكَاحِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَقَالَا لَا يُنْزَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا ثَبَتَ فِسْقُهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي الْحَجْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِذَا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ فِي الْمَالِ فَفِي الْحَضَانَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِالْبَلَدِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي الْقَرْيَةِ، وَلَهُمَا ابْنٌ يَتَعَلَّمُ فِي الْكُتَّابِ بِأَنَّهُ يَنْظُرُ إنْ سَقَطَ حَظُّ الْوَلَدِ بِسُكْنَاهُ فِي الْقَرْيَةِ فَالْحَضَانَةُ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ) سَبَقَهُ إلَيْهِ الْبَغَوِيّ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَهَا قَرِيبٌ يَحْضُنُ فَهِيَ لِلْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ بِالْحَضَانَةِ) وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لَهَا (قَوْلُهُ: كَابْنِ عَمِّ الطِّفْلِ وَعَمِّ أَبِيهِ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَابْنُ أَخِيهِ. اهـ. وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا كَأَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُهُ لِأُمِّهِ بِابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ أُخْتَهُ لِأُمِّهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ نَكَحَتْ عَمَّتُهُ خَالَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ. اهـ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ تَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَالَ لَا حَضَانَةَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ إذَا انْتَهَتْ الْحَضَانَةُ إلَى الْخَالِ وَذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ الْعَصَبَاتِ فَإِذَا نَكَحَتْهُ الْعَمَّةُ دَامَ حَقُّهَا، وَإِلَّا فَلَهُ الِانْتِزَاعُ مِنْهَا.