الْحُكْمَ بِهَا بِظَاهِرِ الدَّارِ قَدْ تَأَكَّدَ بِاعْتِرَافِهِ فَلَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُهُ كَمَا لَوْ بَلَغَ وَأَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ وَصَفَ الْكُفْرَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ مُرْتَدًّا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ خُصُومَةٍ، وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِمُدَّعِي مِلْكِ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ: هُوَ مِلْكِي وَمِلْكُ بَائِعِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي وَكَمَا لَوْ أَنْكَرَ شَخْصٌ الضَّمَانَ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِضَمَانِهِ بِالْإِذْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إذَا أَدَّى وَكَمَا لَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْقَذْفَ فَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ اللِّعَانُ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَعْتَبِرُوا هَذَا الْقَيْدَ بِدَلِيلِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ دَعْوَى رِقِّهِ مَعَ الْإِنْكَارِ خُصُومَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَثَرٌ، وَبِالْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ بِأَنَّ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فِيهِ بَيِّنَةٌ فَاضْمَحَلَّ بِهَا الْإِقْرَارُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا (فَإِذَا) الْأَوْلَى " فَلَوْ " (عَادَ) الْمُكَذِّبُ لَهُ (وَصَدَّقَهُ، أَوْ ادَّعَاهُ غَيْرُهُ وَصَدَّقَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمَّا كَذَّبَهُ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ بِالْأَصْلِ فَلَا يَعُودُ رَقِيقًا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ تَضَمَّنَ نَفْيَ الْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا نَفَاهُ الْأَوَّلُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا أَيْضًا وَصَارَ حُرًّا بِالْأَصْلِ وَالْحُرِّيَّةُ مَظِنَّةُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْعِبَادِ فَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِهَا بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِلثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو بِأَنَّ إقْرَارَهُ لَيْسَ هُوَ الْمُفَوِّتَ لِحَقِّ الثَّانِي بَلْ الْمُفَوِّتُ لَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَكْذِيبِ الْأَوَّلِ لَهُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ (وَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ) يَقْتَضِي نُفُوذُهُ الْحُرِّيَّةَ (قُبِلَ إقْرَارُهُ فِي) أَصْلِ الرِّقِّ وَفِي حُكْمِهِ (الْمُسْتَقْبَلِ) مُطْلَقًا وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ، أَوْ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي (وَأَمَّا) فِي (الْمَاضِي فَيُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ.

(فُرُوعٌ)

ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لَوْ (نَكَحَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) بَلْ يَسْتَمِرُّ وَيَصِيرُ كَالْمُسْتَوْفَى الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّ انْفِسَاخَهُ يَضُرُّ الزَّوْجَ فِيمَا مَضَى سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ أَمْ لَا كَالْحُرِّ إذَا وَجَدَ الطَّوْلَ بَعْدَ نِكَاحِ الْأَمَةِ (لَكِنْ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ (إنْ شُرِطَتْ الْحُرِّيَّةُ) فِيهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُشْرَطْ، وَإِنْ تُوُهِّمَتْ (فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا (لَزِمَهُ) لِلْمُقَرِّ لَهُ (الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ الزَّائِدَ مِنْهُمَا يَضُرُّ الزَّوْجَ وَلِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسَمَّى فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ، أَوْ الْمَهْرَ فَقَدْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ الَّذِي لَزِمَهُ بِزَعْمِهِ وَلَا تَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ) فَلَا يُطَالَبُ بِهِ ثَانِيًا (فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ (سَقَطَ) الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَزْعُمُ فَسَادَ النِّكَاحِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ وَجَبَ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِشَيْءٍ (وَأَوْلَادُهَا) الْحَاصِلُونَ مِنْ الزَّوْجِ (قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ) لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي إلْزَامِهِ (وَ) الْحَادِثُونَ (بَعْدَهُ أَرِقَّاءُ) لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا وَلِأَنَّ الْعُلُوقَ مَوْهُومٌ فَلَا يُجْعَلُ مُسْتَحَقًّا بِالنِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (وَتُسَلَّمُ إلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمَ الْحَرَائِرِ) أَيْ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الزَّوْجُ وَتَخْتَلَّ مَقَاصِدُ النِّكَاحِ، وَيُخَالَفَ أَمْرُ الْوَلَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَوْهُومٌ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا، أَوْ رَجْعِيًّا وَلَوْ (بَعْدَ الْإِقْرَارِ) بِالرِّقِّ (اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) لِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ حَقُّ الزَّوْجِ (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا فِيمَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ قَدْ ثَبَتَتْ بِالطَّلَاقِ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهَا بِالْإِقْرَارِ وَالنِّكَاحُ بِالْعَكْسِ أَثْبَتَ لَهُ حَقَّ الرَّجْعَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (وَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ كَالْأَمَةِ) أَيْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَمْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ لِعَدَمِ تَضَرُّرِهِ بِنُقْصَانِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا وَجَبَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِي نَقْصِهَا (وَإِنْ كَانَ) الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ (ذَكَرًا انْفَسَخَ النِّكَاحُ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ (وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى) إنْ دَخَلَ بِهَا (أَوْ نِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) لِأَنَّ سُقُوطَ ذَلِكَ يَضُرُّهَا وَحِينَئِذٍ (يُؤَدِّيهِ مِمَّا فِي يَدِهِ، أَوْ) مِنْ (كَسْبِهِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ بَاقٍ (فِي.

ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّقِيطِ بِالرِّقِّ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَقَدْ تَأَكَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ وَسَكَتُوا عَنْ اعْتِبَارِ الرُّشْدِ فِي الْمُقِرِّ هُنَا وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَارِيرِ وَحَكَى صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ اعْتِرَافَ الْجَوَارِي بِالرِّقِّ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ السَّفَهَ غَلَبَ عَلَيْهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي غَالِبِ الْعَبِيدِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْبُلُوغِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ وَجَبَ اعْتِبَارُ الرُّشْدِ فِي الْمُقِرِّ مِنْهُمَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ إلَخْ) بِأَنَّ الْمُقِرَّ إنْ كَانَ حُرًّا فَذَاكَ، أَوْ رَقِيقًا فَالرَّقِيقُ لَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ لِسَيِّدِهِ ش.

[فُرْعٌ نَكَحَ اللَّقِيط ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ]

(قَوْلُهُ: وَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ) وَكَذَا حَمْلُهَا حَالَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِرِقِّهَا) عُلِمَ بِهِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِقْرَارِهَا بَلْ الِاعْتِبَارُ بِعِلْمِ الْوَاطِئِ بِهِ حَتَّى إنَّ مَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ إقْرَارِهَا وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ حُرٌّ قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ لَمَّا أَقَرَّ بِالرِّقِّ - وَالسَّيِّدُ الْمُقَرُّ لَهُ مُوَافِقٌ عَلَيْهِ - امْتَنَعَ بِإِقْرَارِهِ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاَلَّذِي فِي يَدِهِ كَانَ مَحْكُومًا لَهُ بِهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ جِنَايَتَهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا بَيْتُ الْمَالِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَائِرًا بَيْنَ بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا الْمَالِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ تَعَيَّنَ هَذَا الْمَالُ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ الرَّقَبَةِ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعًا وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَالِ الَّذِي يَكُونُ لِلسَّيِّدِ فِي يَدِ الْعَبْدِ الْجَانِي حِينَ جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ سَبَقَ تَعَلُّقُهُ بِهِ فَلَا مَحَلَّ لِلْجِنَايَةِ إلَّا الرَّقَبَةُ، وَحَقُّ السَّيِّدِ هُنَا إنَّمَا تَعَلَّقَ بَعْدَ هَذِهِ الْجِنَايَةِ هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَصَاحِبِ التَّهْذِيبِ قَالَ الْغَزِّيِّ فِي الْمَيْدَانِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي تَوْجِيهِ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ قِيَاسُ الْقَوْلِ إنَّهُ يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّهُ وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَضِيَّةَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِبَيْتِ الْمَالِ فَأَخَذْنَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ وَلَمْ نُعَلِّقْهُ بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ - هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015