أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ يَدَ الْتِقَاطٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) الصَّغِيرُ (مُمَيِّزًا مُنْكِرًا) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ حَالِ الْمُدَّعِي الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُ يَدِهِ إلَى سَبَبٍ لَا يَقْتَضِي الْمِلْكَ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ (فَلَوْ بَلَغَ) الصَّغِيرُ (وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَ) لَكِنْ (لَهُ تَحْلِيفُ السَّيِّدِ) وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِغَيْرِ السَّيِّدِ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَالْبَالِغُ الْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ فِيمَا ذُكِرَ، وَإِفَاقَتُهُ كَبُلُوغِهِ.
(فَرْعٌ:)
لَوْ (رَأَى) شَخْصٌ (فِي يَدِ إنْسَانٍ صَغِيرًا يَسْتَخْدِمُهُ وَيَنْسُبُهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ إلَى مِلْكِهِ) بِأَنْ سَمِعَهُ الرَّائِي يَقُولُ هُوَ عَبْدِي، أَوْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ هُوَ عَبْدُهُ (وَشَهِدَ لَهُ بِالْمِلْكِ جَازَ) لَهُ ذَلِكَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَفَارَقَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ سَائِرَ الْأَعْيَانِ حَيْثُ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الطَّوِيلَيْنِ بِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ يَقَعُ فِي الْأَحْرَارِ كَثِيرًا كَالْأَوْلَادِ بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ فِي أَعْيَانِ أَمْوَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ قَلِيلٌ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِلْكُهُ (وَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ تَحْتَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ فِي الصِّغَرِ) وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي دَعْوَى الرِّقِّ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ الْيَدَ فِي الْجُمْلَةِ دَالَّةٌ عَلَى الْمِلْكِ وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ الْمَمْلُوكُ مَمْلُوكًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ طَارٍ بِكُلِّ حَالٍ فَيُحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ (فَلَوْ بَلَغَتْ) وَلَمْ تُمَكِّنْهُ طَائِعَةً (وَأَنْكَرَتْ نِكَاحَهُ قُبِلَ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) فَلَوْ حَلَفَتْ بَانَ أَنْ لَا نِكَاحَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي نُسْخَةٍ (وَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ) لِمُلْتَقِطٍ، أَوْ غَيْرِهِ (بِمِلْكِ صَغِيرٍ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهَا (حَتَّى تُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ) وَنَحْوِهِمَا لِئَلَّا يَكُونَ اعْتِمَادُهَا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَتَكُونَ يَدَ الْتِقَاطٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطَرٌ.
(وَكَذَا) لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي حَتَّى يُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ (فِي الْمَدْعُوِّ) بِذَلِكَ وَقِيلَ يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى مُطْلَقًا كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ) أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ (كَفَى، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ الْمِلْكَ) أَيْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مَمْلُوكًا لَهُ، أَوْ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْعِلْمُ بِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَمْ تَسْتَنِدْ إلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَقَدْ حَصَلَ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى وَفْقِ مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا هُنَا فِي اللَّقِيطِ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ، وَالْمَقْصُودُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الرِّقِّ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ تُعَرِّفُ رِقَّهُ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ مَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ مَمْلُوكٌ، وَوِلَادَتَهَا لِلْحُرِّ نَادِرَةٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَى ذَلِكَ، وَالْقَصْدُ بِمَا فِي الدَّعَاوَى تَعْيِينُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِكَوْنِ أَمَتِهِ وَلَدَتْهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْفَرْقُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْيَدَ نَصٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ فَاشْتُرِطَ فِي زَوَالِهَا ذِكْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الدَّارِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ.
وَالرِّقُّ مُحْتَمَلٌ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى قَاتِلِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّقِّ، وَإِذَا اُكْتُفِيَ بِالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَيَكْفِي شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنَّهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ) أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْوِلَادَةِ (وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ ضِمْنًا شَهِدَتْ بِهِ) أَيْضًا (أَمْ لَا) كَثُبُوتِ النَّسَبِ فِي ضِمْنِ الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ.
(فَرْعٌ: وَمَتَى شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ لِمُدَّعِي رِقِّ اللَّقِيطِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ سُمِعَتْ وَثَبَتَتْ يَدُهُ، ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ) الرِّقَّ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَا الْيَدِ عَلَى الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ يَدَهُ عَنْ الْتِقَاطٍ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرِّقِّ، وَقَوْلُهُ " أَنَّهُ إلَى آخِرِهِ " بَدَلٌ مِنْ الْيَدِ (وَلَا تُسْمَعُ) هَذِهِ الدَّعْوَى (مِنْ الْمُلْتَقِطِ إلَّا إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ) لِأَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ الْتَقَطَهُ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ ظَاهِرًا فَلَا تُزَالُ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَقِيلَ الْمُلْتَقِطُ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ (وَإِذَا بَلَغَ اللَّقِيطُ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ فَهُوَ عَبْدٌ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ ذَلِكَ تَصَرُّفًا يَقْتَضِي نُفُوذُهُ الْحُرِّيَّةَ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ فَذَاكَ (وَإِنْ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ) قَبْلَهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ (فَكَعَبْدٍ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَيُنْقَضُ) حَتَّى يُسْتَرَدَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ زَكَاةٍ وَمِيرَاثٍ وَمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَيَتَعَلَّقُ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ) وَكَذَا مَا أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) بِرِقِّهِ (لَكِنْ أَقَرَّ) هُوَ (بِالرِّقِّ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ) كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ (وَمَتَى سَبَقَ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِالْحُرِّيَّةِ، أَوْ) بِالرِّقِّ لَكِنْ (كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَارَ حُرًّا) فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لِلْمُنَاقَضَةِ وَلَا الْتِزَامُهُ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا وَلِأَنَّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) أَيْ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حُكِمَ بِرِقِّهِ) أَيْ بِيَمِينِ صَاحِبِ الْيَدِ قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حُكْمُ حَاكِمٍ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَيَمِينٍ.
(فَرْعٌ)
لَوْ ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ صَدَّقَهُ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ، أَوْ لِبَائِعِهِ، أَوْ لِبَائِعِ بَائِعِهِ، وَإِنْ بَعُدَ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ يَحْتَاجُ مُدَّعِي الرِّقِّ إلَى الْبَيِّنَةِ وَحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ فَهِيَ كَبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَا تَكْفِي الدَّعْوَى الْمُطْلَقَةُ سَوَاءً وَالشَّهَادَةُ الْمُطْلَقَةُ سَوَاءً كَانَ الْمُدَّعِي مُلْتَقِطًا، أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءً كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَقِيطًا، أَوْ غَيْرَهُ. اهـ.
(تَنْبِيهٌ) حَيْثُ لَا يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ بِرِقِّهِ بَعْدَ دَعْوَاهُ إمَّا لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، أَوْ لِعَدَمِ سَمَاعِهَا نَقَلَ الْمُزَنِيّ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ لِمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ كَفَالَتِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي أَرَاهُ وُجُوبُ نَزْعِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِدَعْوَى رِقِّهِ عَنْ الْأَمَانَةِ فِي كَفَالَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ كَذِبَهُ حَتَّى نُخْرِجَهُ عَنْهَا أَهُوَ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا أُمِنَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهُ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْعَبَّادِيِّ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ الْوَصِيُّ لِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أُخِذَتْ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ مَخَافَةَ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا أَنْ يُبْرِئَ.
(قَوْلُهُ: هَذِهِ الدَّعْوَى) أَيْ دَعْوَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُهُ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعَةَ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهَا حَيْثُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِأَنَّ دَعْوَاهَا الرَّجْعَةَ مُسْتَنِدَةٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَجَعَلَ الشَّارِعُ الْقَوْلَ قَوْلَهَا فِيهِ ائْتِمَانًا وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالْخِيَانَةِ، وَإِقْرَارُ